زاد الاردن الاخباري -
اعتبر خبراء تربويون أن إجراء وزارة التربية والتعليم المتمثل بتوزيع كتيب على طلبة الثانوية العامة (التوجيهي)، يفند ادعاءات وافتراءات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، هو إجراء صحيح، ولكنه غير كاف، إذ يجب أن تعقد لقاءات ومحاضرات، لتوعية الطلبة بخطورة أفكار هذا التنظيم.
وأكد الخبراء أهمية التوعية المستمرة والدائمة للطلبة، ليتمكنوا من التفريق بين الدين الاسلامي الذي يتسم بالتسامح والاعتدال والوسطية والنهج المتطرف، لافتين إلى ضرورة استغلال المعلمين لحصص النشاط والتربية الوطنية، لشرح ما ورد في الكتيب، فضلا عن التركيز على مفاهيم الاعتدال والوسطية ونبذ التطرف والعنف.
وكانت الوزارة وزعت مؤخرا كُتيبا أعدته مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي بعنوان (رسالة مفتوحة إلى إبراهيم عواد البدري «أبو بكر البغدادي» وجميع المقاتلين والمنتمين الى ما سميتموه الدولة الإسلامية)، تفنيداً لأفعال وممارسات "داعش" من قتل وتعذيب وفتاوى غير شرعية، لا تستند إلى تفسير صحيح للآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة.
وتضمن الكتيب الذي حمل توقيع 126 عالما اسلاميا، مختصراً للردود الفقهية عما ورد من أقوال وأفعال المنتمين لـ"داعش" كما ينشرونه، أو نقله عنهم شهود عيان مسلمون، وليس كما هو معلن عنهم في أي إعلام آخر.
وخاطب الكتيب "البغدادي" حول ما قاله في خطبته في السادس من رمضان 1435 هجري، الموافق الرابع من تموز (يونيو) العام الحالي، عندما خطب مقتبساً كلام سيدنا أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- في قوله «فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فانصحوني وسددوني».
وتضمن الكتيب مختصراً تنفيذيا، أكد على عدم جواز إصدار فتاوى دينية، إلا بعد استكمال الشخص المفتي لشروط الاجتهاد المنصوص عليها في كتب الأصول، وعدم جواز الاقتباس من آيات القرآن الكريم لحكم ما دون اعتبار جميع النصوص، وعدم إجازة الحكم الشرعي في الإسلام دون اتقان اللغة العربية.
كما تضمن الكتيب، عدم جواز الاستسهال في الأمور الشرعية، وعدم جواز قتل النفس البريئة، وقتل السفراء والصحفيين، وتكفير الناس إلا من صرح بالكفر.
وعرج الكتيب على حرمة الإساءة للنصارى وأهل الكتاب بأي طريقة، واعتبار اليزيديين من أهل الكتاب، وحرمة التعذيب والإعدام الجماعي، وهدم وتخريب قبور الأنبياء والصحابة ومقاماتهم، وسلب حقوق الأطفال والنساء، والإكراه على الدين، وعدم جوازية إقامة الحدود من دون اجراءات تضمن العدالة والرحمة.
وقال أمين عام الوزارة الأسبق فواز جرادات إن "الإجراء الذي قامت به الوزارة، والمتمثل بتوزيع كتيب على طلبة الثانوية، يفند نهج داعش، إجراء صحيح".
وأضاف جرادات: "أنا مع هذا الاتجاه لمحاربة الفكر المتطرف في الاردن والدول العربية، كون الفكر المتطرف يؤذي العالمين العربي والاسلامي، ويجر للويلات، وما قامت به الوزارة من توعية للطلبة في هذه المرحلة مهم جدا، ويجب توزيع الكتيب على طلبة الجامعات".
وأشار جرادات إلى أن هذا الإجراء لمحاربة التطرف "ليس كافيا، ويجب أن يكون هناك توعية مستمرة ودائمة للطلبة، ليتمكنوا من التفريق بين الدين الاسلامي الذي يتسم بالتسامح والاعتدال والوسطية، والنهج المتطرف الذي يؤمن بسفك الدماء واستباحة الحرمات، فهذه قضية مهمة وملحة في الوقت الراهن".
وبين جرادات ان الوزارة كانت سباقة بهذا العمل عندما وزعت، رسالة عمان وضمنتها في مناهجها الدراسية والتي تتحدث عن الفكر المعتدل.
وأكد جرادات أن هذه الجهود، يجب ان تكون مستمرة وليست ردود فعل آنية في وقتها كون ما يهدد الأمة وكيانها هي الأفكار المتطرفة، وهذا الثابت بتاريخ كل الشعوب، فلذلك علينا ان نستفيد من تجارب غيرنا ونرسخ في عقول ابنائنا مفاهيم الحوار والاعتدال وقبول الآخر والتشارك.
من ناحيته، ثمن وزير التربية الأسبق فايز السعودي اجراء الوزارة بتوزيع الكتيب على الطلبة وتوعيتهم، مبينا ان هذا الاجراء لا يكفي، لا سيما وان هناك طلبة لا يقرأون، فيجب ان تعقد لقاءات للطلبة توضح ما جاء فيه، فضلا عن تركيز المعلمين في حصص النشاط والتربية الوطنية على مفاهيم الاعتدال والوسطية ونبذ التطرف والعنف.
فضلا عن استغلال شبكات التواصل الاجتماعي في توجيه رسائل للطلبة، توعيهم من أخطار الحركات المتطرفة، ومن ضمنها "داعش" كونه منحرفا وبعيدا عن الدين الاسلامي، ونهجنا الوطني، بحسب السعودي.
وقال السعودي ان "جلالة الملك عبد الله الثاني، يدعو دائما للوسطية والاعتدال في التعامل مع الآخرين، وهذا ما ينص عليه الدين الاسلامي الذي يدعو للتوازن والاعتدال".
من جهته، أوضح نقيب المعلمين الأردنيين حسام مشة أن "أي فكر متطرف بعيد عن وسطية الإسلام واعتداله، هو أمر مرفوض"، مشيرا إلى أن الإسلام أكد على الحكمة في التعامل من دون أن يكون هناك تشديد وتغول.
وبين مشة أن النبي محمد- عليه الصلاة والسلام-، نادى بتيسير الأمور والابتعاد عن التشدد والتطرف، فلذلك يجب أن تنشأ الأجيال على الوسطية والتوازن والاعتدال.
وقال مشة إن "فكرة توزيع الكتيب جيدة ولكنها ليست كافية كإجراء لننبذ التطرف، إذ يجب عقد لقاءات وندوات ومحاضرات، نصل فيها لقناعات الطلبة، بأن هذا الفكر مرفوض كليا، كونه لا يعكس الدين ولا صور تعامله".
ولفت إلى أن الوصول لقناعات الآخرين، أمر يتطلب بناء المناهج الدراسية على المفاهيم الحديثة المتمثلة بالاعتدال والوسطية والديمقراطية والشفافية والحوار.
من جانبه، أكد وزير التربية الأسبق محمد الوحش أن "فكرة توزيع الكتيب جيدة، كونها تهدف لنشر الوعي، ولكن يجب أن يكون هناك شرح لما جاء فيه للطلبة، لضمان وصول المفاهيم لهم بطريقة صحيحة".
وقال الوحش إنه يتحفظ على توزيع الكتيب على هذه الفئة العمرية "كون مفاهيم الاعتدال والغلو بالدين، ليست واضحة في أذهان الطلبة".
ولفت إلى أن نشر مفاهيم الاعتدال وقبول الآخر واحترام الآخرين، ونبذ العنف، يجب أن تكون ليست رد فعل على تنظم معين، بل يجب أن تكون أساس حياتنا، وهذا ما نصت عليه رسالة عمان التي ترجمت للغات متعددة، وتحدثت عن الإسلام الوسطي المعتدل.
الغد