زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تؤسس مبادرة برلمانية أردنية «جريئة» تحت عنوان «ليست حربنا» لهامش مناورة تكتيكي منتج أمام صانع القرار يمكن أن يخدم مصلحة الأردن العليا سواء فيما يتعلق بمحاولات استعادة الطيار الأسير عند تنظيم داعش معاذ الكساسبة أو عندما يتعلق الأمر بإعادة إنتاج دور الأردن وترسيم مصالحه داخل إطار «التحالف « الدولي.
على هذا الأساس يقول أركان البرلمان الذين وقعوا بيانا يرفعون فيه شعار «ليست حربنا» ان الفرصة وبعد أسر الطيار الأردني مرحليا متاحة لإعادة تقييم دور الأردن في التحالف ومصلحته في المشاركة بحرب بعيدة عن الأردن خصوصا أن ادبيات تنظيم داعش لم يسبق لها أن اعلنت أية أهداف في الأردن.
لذلك أثار البيان النيابي جدلا واسع النطاق لكنه ساهم في امتصاص حالة احتقان شعبية وضعت مكانة التحالف الدولي في الشارع الأردني أمام اختبارات حادة خصوصا بعد واقعة إسقاط الطائرة.
النواب الذين وقعوا البيان خالفوا الاتجاه الرسمي بوضوح لكن حركتهم ساهمت في امتصاص احتقان عشيرة وعائلة الطيار الأسير وانتجت رسالة فيها وجهة نظر «ثانية» أو مختلفة لكنها وجهة نظر تعكس موقف الشارع الأردني الذي لا يريد التورط كما يقول متبني المذكرة النائب محمد السنيد.
كثير من النواب في الأردن وغيرهم يتساءلون عن «الثمن» الذي سيحصل عليه الأردن في النهاية جراء توسيع دوره في السياق الإقليمي الأمني لصالح التحالف خصوصا ان المكاسب العائدة ماليا واقتصاديا غير واضحة ولا يتحدث عنها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور للبرلمان.
وجهة نظر برلماني مخضرم من طراز خليل عطية أن التنظير للمشاركة في التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية يسقط من حساباته عدم تحقيق عائد ومكسب حقيقي جراء هذا التطوع التلقائي للقيام بدور لا علاقة للأردن به.
عطية يصر على تشخيصه بأن «التورط» في التحالف ليس في صالح الأردنيين خصوصا ان الدول الغربية تسببت أصلا في مشكلات المنطقة وشعوبها وتحاول الإدعاء الأن بأنها ستعالجها.
انطلاقا من ذلك أسست واقعة أسر الطيار الأردني وبدون إرادة الموقف الرسمي إلى نقاش مستجد في مسألة التحالف وإعلان الحرب على داعش وبدأ الكثير من الآراء والتعليقات تطالب بمراجعات شمولية لجدوى وإنتاجية المساهمة الأردنية العلنية في هذه الحرب.
وعلى هذا الأساس نشطت مجموعات برلمانية وأخرى سلفية وجهادية في التذكير بأن هذه الحرب وخلافا لما قاله علنا رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت ليست حربا أردنية ولن تكون وهو موقف يعبر المحامي المقرب من السلفيين موسى العبداللات عن مخاوفه من أن يؤدي إلى الإضرار بمصالح الأردنيين العليا على أساس ان المشاركة في استهداف الحركات الجهادية التي تثور على الظلم في العراق وسورية يخالف تطلعات وقناعات الشعب الأردني.
بكل الأحوال لا توجد أداة قياس منطقية يمكن الرهان عليها في تحديد حصة التحالف وسط النخب الشعبية خصوصا ان حجم الاستياء من تصرفات «داعش» أيضا كبير ولا يمكن تجاهله أو إنكاره.
المسألة التي تختبر الآن وبقوة على هامش جدل الغرف المغلقة في مسألة إسقاط الطائرة الأردنية في الرقة وأسر قائدها الملازم معاذ الكساسبة هي حصريا ترسيم مقدرة التنظيم وحاضنته المحدودة المتعاطفة معه في الحالة الأردنية على التأثير بصورة مباشرة على مشاركة الأردن في التحالف.
يعلم الخبراء في السياق بأن أي اعتداء من أي نوع على الطيار الأردني سيقفز حتى أردنيا بخيار «الحرب البرية» وسيؤدي لإنهاء الجدل حول المشاركة في التحالف ويعيد إنتاج المشهد الشعبي ويحسر التساؤلات في الاتجاه المتخاصم تماما مع تنظيمات «داعش».
في المقابل ومبكرا بدأ بعض التنظيرات المقربة من التيار السلفي الجهادي تتحدث عن شرط «شبه مستحيل» هو انسحاب الأردن من التحالف قبل أي صفقة لإنضاج مبادلة تنتهي بعودة الطيار الأسير.
هذه التنظيرات تبدو غير منطقية إطلاقا ولا يمكن سياسيا وأمنيا قبول لحظة من هذا النوع أو توقعها لكن بالمقابل من المرجح أن حصة ومكانة وسهولة ترويج وتسويق المشاركة في التحالف قبل حادثة إسقاط الطائرة تختلف عنها بعدها، هنا حصريا يكمن الإشكال الأساسي الذي تواجهه اليوم الطبقة السياسية في العاصمة عمان.
القدس العربي