هي قصة جميلة إعتدنا ان نسمعها منذ طفولتنا , وأصبحنا معتادين على أن نرويها , تتحدث عن الجيش العربي الاردني , وكيف أن هيبته مفروضه مستحقة , وأن له موضعا في قلوب كل الاردنيون غرسته أيادي ومواقف النشامى الرجال , من ذلك العهد الذي كان عديد الجهات والدول تسعى لمسح الاردن من على الخارطة الدولية , ولكن بالقيادة الهاشمية الحكيمة وفزعة النشامى الاردنيون , وروح الفداء والتحدي لدى أفراد الجيش العربي , جعلت من أحلامهم مستحيلة محطمة , ومجرد أماني في عقولهم , لا تزيد الا حقدهم وغلهم , وحسدهم طبعا , ولله در الحدس ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله.
الرواية الجميلة حصلت أثناء تولي المشير حابس باشا المجالي رحمه الله لقيادة القوات المسلحة , وكان يوجد مع الباشا حرسه العسكري الخاص , ومن ضمنهم عمي , شقيق والدي , واسمه عودة , و أثناء خروج جلالة الملك المغفور له الحسين بن طلال , من إحدى الإحتفالات التي كان يحضرها , تأخر أحد كبار مستشاري جلالة الملك رحمه الله , عن موكب الملك , فأخذ يركض ليلحق بالركب , وكان المشير رحمه الله يهم بالخروج وحرسه الشخصي بجانبه , فما كان من المستشار إلا ان مر بسرعة كبيرة بين المشير وبين العسكري عودة , فضرب كتف المشير بقوة , دون ان ينتبه , فعينه على موكب المغفور له , فما كان من العسكري عودة الا ان قام بسرعة بضرب المستشار على راسه كردة فعل لما حدث , فسقط المستشار أرضاً هو و أوراقه , فلملمها بسرعة وركض ليلحق الركب , ومضى الركب بصاحبه , وعاد المشير الى بيته .
حين وصلوا لمقر حرس الباشا قام قائد الحرس حينها بتوبيخ العسكري عودة , وقال له ألا تعلم من ضربت , ستُحوَل الى محاكمة عسكرية , وستُسجن , حينها جن جنون العسكري عودة , فذهب من حينه الى المشير حابس رحمه الله , وبمساعدة ام صطام رحمها الله دخل على المشير وهو مسترخي في غرفته , فبادره المشير قائلا : ماذا هنالك ؟؟ , لماذا انت هنا يا عودة؟؟؟؟ , فأخبره عودة بالموضوع , سكت المشير , ورفع سماعة الهاتف , وطلب الديوان الملكي مباشرة وطلب المستشار الذي حصلت معه الواقعة , وخاطبه قائلا : ماذا حدث اليوم يا.....؟؟ , فأخبره المستشار بالذي حصل , وان احد مرافقيك يا باشا ضربني , وفجاءة ضحك المشير أبوصطام بصوت عال , وقال للمستشار : يا با ...هاذا الجيش نار لا تقرب , وأغلق سماعة الهاتف , وأعتبر المشير لحظتها أن الموضوع إنتها , وان كلماته هذه هي تطييب خاطر للمستشار ولكن بلغته الخاصة , وفكره الخاص , وقام بعدها بالإتصال بقائد الحرس واخبره بأن يكافئ العسكري عودة , الذي عاد منتشيا ؟, فخورا , يقبل الشعار الذي على شماغه الاحمر فوق رأسه , وحين سمع جلالة المغفور له بالموضوع ضحك كثيرا , وأصبح في كل مرة يُشاهد فيه المستشار يقول له : يابا... هاذا الجيش نار لا تقرب .
هم الرجال الذين ما اعتدات هامتهم الا معناقة العلياء , هم الذين بنوا الاردن وأفنوا أرواحهم فداءه , تواضعهم كان عنوان كبرياء الوطن , وتفانيهم وإعتزازهم بأنفسهم , كان سر نجاحهم , فأعزهم الله عز وجل , ما كانت بهارج الدنيا لها طريق الى أنفسهم , وكان فخرهم هو أنهم خدموا في جيش الوطن , جيش ابو عبدالله , الجيش العربي .
واليوم , ومع إختلاف الظروف والأجواء , الا أن توالد الفخر وعزة النفس , مُستمر , فهم أحفاد قادة الامس , وهم رجال الوطن وحماة حاضره ومستقبله , جنود ابوالحسين , ربع الطواقي الخضر , هم حماتنا , وسياج وطننا المنيع , ونحن أيضا حماتهم , وبأرواحنا نفيدهم , فالجيش هو نحن , ونحن هو الجيش , وكلنا تحت جلودنا نلبس الفوتيك فوق أرواحنا .
نُعلنها صرخة مدوية , تُحفر كلماتها على صفحة السماء , حروفها من شمس , ونقاطها ضوء القمر , جيش أبو حسين يابا نار نار نار ولا حتى تفكر إنك تقرب , فكلنا حين اللزوم جنود الوطن والقائد , فلهم ألف تحية , ولكل منتسبي القوات المسلحة دعائنا وخالص فخرنا وإعتزازنا , عاملين ومتقاعدين , فهم نبع الولاء الأول , وهم مصدر الفخر الذي لا ينتهي , وهم هم أهل الفداء , الذين يُرخصون أرواحهم في سبيلك يا أردن , يا مملكة هاشمية.
وأُهديكم كلمات المشير حابس والشهيد وصفي التل رحمهما الله فتغنوا بها معي كما غنتها سلوى ذات يوم :
خسى يا كوبان ما انت ولف الي
ولفي شاري الموت لابس عسكري
يزهى بثوب العز واقف معتلي
بعيون صقرٍ للقنص متحضرِ
نشمي يجيد البأس سيف وصيقلِ
مقدام باع الروح لله المشتري
هذا وليفي فارسٍ ومحفّل
كل النشامى تقول صولة حيدر
نار الغضا والغيظ جمرٍ مشعلِ
يصلى بحر سمومها المتجبرِ
مسرى النبي نادى بصوت المبتلي:
وين النشامى فوق خيلٍ ضمّرِ؟
يا حسين نور العين انتَ العز إلي
جيشك يلبيني وعزمك يقدرِ
مسرى النبي نادى بصوت المبتلي:
وين النشامى فوق خيلٍ زمّرِ؟
مدفع سبير الهون لنّه جلجلِ
يصدى رعودٍ بالفضا تتفجرِ
وجبال دبّابٍ تغير وتنجلي
بعزها العالي ودحر المفتري
حازم عواد المجالي