زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يمكن قراءة الإضافة التي حصلت في الأردن بقرار ملكي على مهام ووظائف أبرز جنرالين في المؤسسة السيادية مرحليا خارج سياق النمو اللافت للخيارات الصعبة على الصعيد الإقليمي أو حتى خارج سياق مضامين ومؤشرات رسائل التغيير المقبلة في الأردن مع كثرة تنامي الكلام عن الحاجة الملحة لـ «طبقة سياسية» حاكمة أكثر صلابة وتدير خلية أزمة في التفاعل مع التحديات بكل انواعها.
غالبية المسؤولين والرموز في نخبة القرار الأردنية يعترفون في الأحاديث الخاصة وأحيانا العامة بإخفاق وكسل وخمول «الحلقات الوسطى» التي تدير شؤون العلاقة بين الحكم وقواعد الناس والمجتمع وحادثة إسقاط الطائرة الأردنية مؤخرا في الرقة السورية وتمكن داعش من أسر طيارها كشفت «كالبرد» تماما عن بعض ملامح العلة في الأداء الرسمي الأردني.
الحادثة المشار إليها في قضية الطيار معاذ الكساسبة لا زالت تثير نقاشا حيويا وعاصفا وحساسا على مستوى غرف القرار المغلقة ومع التكتم الشديد في المستوى العملياتي عندما يتعلق الأمر بمتابعة التفاصيل حضرت خطوة من طراز «توسيع» صلاحيات قطبين من أقطاب المؤسسة السيادية هما قائد الجيش ومدير المخابرات لكي تضيف شهية التحليل والتوقع على مساحة مغرقة أصلا في السيناريوهات والحسابات.
لا أحد يعرف بصورة محددة أو يمكنه توقع ما الذي يدور في ذهن وعقل المرجعية الملكية في الأردن فالخطوة المشار إليها أعقبت الاستماع مباشرة لأعضاء نادي رؤساء الوزارات في إجتماع خاص ومغلق تبادل فيه القوم الملاحظات وأحيانا النقد بصورة مرتفعة السقف حيث اضطر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور للرد مباشرة ووجاهيا على انتقادات حادة وجهها لأداء حكومته الاقتصادي نظراء له من نادي الرؤساء وبالحضرة الملكية.
الأهم ان الإجراء الذي قرره القصر الملكي قبل يومين بضم ابرز شخصيتين في المؤسسة الأمنية والعسكرية للطاقم الاستشاري في القصر أثار الكثير من التوقعات والجدل خصوصا انه إجراء فريد يتخذ بالعادة بعد تقاعد كبار المسؤولين.
الإرادة الملكية كانت قد صدرت الأربعاء بتعيين رئيس الأركان الجنرال مشعل الزبن مستشارا عسكريا ومدير المخابرات العامة الجنرال الزاهد تماما في كل الأضواء فيصل الشوبكي مستشارا للأمن القومي، اللافت ان نص إرادة الملك تضمن الإشارة لاحتفاظ الجنرالين بوظيفتيهما في الوقت نفسه.
المسألة أثارت علنا شهية التحليل فقد طرح محلل سياسي على صفحته على فيس بوك هو الدكتور عامر سبايله سؤالا: هل يحتاج مدير المخابرات و قائد الجيش ان يكونا مستشارين للملك؟
وجهة نظر سبايله ان الجنرالين على اتصال مباشر ويومي بالملك بحكم المهنة وهم أيضا أعضاء في مجلس السياسات بحكم الوظيفة، اذا القراءة المنطقية قد تشير ان منصب مستشار هو الذي يفترض ان يبقيهما على علاقة بالملك وليس الوظيفة الحالية.. فهل يمكن اعتبار ان الخطوة تحمل مضامين ورسائل تغيير قادمة؟.
يرجح خبراء ان المسألة مرتبطة أيضا بترتيبات «هرمية» نخبوية مهمة ستبدأ بالاستحقاق بمجرد انتهاء العاصفة الثلجية المسماة بـ «هدى» وفي وسطها قرب ولادة وزارة جديدة تماما للدفاع ستنضم للهيكل البيروقراطي بعد الانتهاء من أنجازها ورقيا وبموجب تعديل وزاري من المرجح انه أصبح وشيكا.
قبل ذلك، الترتيبات نفسها يمكن أن تكون ذات صلة بالتعديلات الدستورية الأخيرة التي حصرت تعيين وإقالة قائدي الجيش والمخابرات بالصلاحية الملكية فقط وأبعدتها عن مجلس الوزراء.
الهدف في النهاية من هذه التعيينات المثيرة للجدل سيكون تشكيل «خلية أزمة» من مستشارين وخبراء يتولون مهام خارج السياق البيروقراطي في تجربة تقترب من الصيغ التي تحصل في دول الخليج.
خلية أو خلايا الأزمة وراء الكواليس والستارة من الصعب تفعيلها بدون وجود شخصيتين بارزتين من طراز الزبن والشوبكي في عمق القرار والتشاور «المباشر» واليومي بعيدا عن تعقيدات الوظيفة الأمنية والعسكرية وضمن أقرب مسافة من القرار المرجعي وهي «وصفة» من الواضح أنها تدفع بالرجلين القويين في مؤسسة الحكم إلى مواقع مدنية واستشارية بصورة يمكن ان تلمح ضمنيا لإبعادهما لاحقا عن الوظائف المباشرة في الإطار البيروقراطي مع التجديد الذي تتطلبه المرحلة.
هذه التعيينات «حمالة أوجه» والإفصاحات الملكية لم تشرح الموقف بعد لكنها ستظهر لاحقا بالتأكيد لكي يحدد الرأي العام ما إذا كان تخصيص مناصب «مدنية» لأهم جنرالين في المؤسسات السيادية لا يحتاجانها في الواقع ينبع من توسيع صلاحيات ومهام أم ينتهي بتغييرات هيكيلية أكثر عمقا ليس على مستوى تبديل الوجوه فقط بل على مستوى «طبيعة العمل» والآليات.
القدس العربي