انقضى نحو شهر من السكون منذ نشر مقالتي ( الآكلون لحومهم )ولم تنشغل خلاله عقول او ترتعش قلوب او ُتحكـّم ضمائر . وَسَرت في جو ليل الصيف الحار نسمة ٌ رطبة وكأنها تحاول صرف تفكيري عما آلت اليه احوال الصرح الاعلامي المكبل، فتثاءبت وكبوت فغفوت وحلمت.
حلمت انني اصبحت ملك الجن \" اوبيرون \" كما في مسرحية شكسبير الشهيرة، وسرعان ما استدعيتُ \" باك \" مساعدي، العفريتَ المرحَ العابث وامرته بان يأتيني بزهرة سحرية إن ُوضعت عصارتها في جفون النائمين الغافلين تدفعهم، هذه المرة، وعندما يستيقظون، الى تشغيل عقولهم وفتح قلوبهم وتحكيم ضمائرهم فتذهب الخشية من نفوسهم من زيارة ذلك الصرح الاعلامي الذي بات، ومنذ زمن، جاهزا شكلا ومضمونا فيهرعون اليه ويجولون في طوابقه الستة ويتمعنون بأكبر شاشة عرض خلفيةVIDEO WALL في العالم في احد استوديوهاته التلفزيونية الخمسة التي عز نظيرها في المنطقة باسرها ويشاهدون احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا من اجهزة ومعدات ويطلعون على عشرات الوثائق والارشادات التنظيمية والتشغيلية وفي مقدمتها الدليل العام الذي يلتزم بمظلة الدستورالأردني في التعاطي مع جميع القضايا و الأحداث محلياً وعربياً وعالمياً وشرح مواقف الاردن ووجهات نظره حيالها وتسويقه عربيا وعالميا وترسيخ شعار الأردن أولا . وتشرع عقولهم بالتساؤل ، مثلما تساءلت انا : لمصلحة من يتم تعطيل هذا المشروع الطموح ومن المستفيد من وراء ذلك؟! ويدركون ان الوطن هو الخاسر الاكبر من هذا التعطيل. وتدمى قلوبهم من محاولات وأد هذا الصرح الكبير بعد كل الجهد الذي ُبذل ليكون ذراعا اعلاميا فعالا ومؤثرا من اذرع الدولة. ويحكـّمون ضمائرهم فيندمون على الكفاءات التي ُسرّحت والقدرات والامكانات التي اسُتقطبت وحُشدت لهذا المنبر الاعلامي الهام ثم ُجمّدت فيسارعون الى ازالة كافة العوائق من طريقه بل ويلحون الى اخراجه وبسرعة الى حيز الوجود ليكون صنوا للمركز العربي ،اعرق دار انتاج اردنية واميزها عربيا، والتي شقت طريقها الى العالمية.
لسعتني ناموسة فافقت وقد اصابتني قشعريرة رغم حرارة الطقس. استعذت بالله وانا افكر باللجن وما قد يتقمصون من مخلوقات وسبّحت بالرحمن جلـّت قدرته الذي انزل بالجن سورة كاملة في كتابه العزيز . و هدأت نفسي بعد ان بسملت . وجلست استعرض شريط الحلم . و تساءلت بيني وبين ذاتي اكان ما رأيته اثناء غفوتي حلما مقتبسا من ملهاة شكسبير الشهيرة ؟ ولماذا الآن وبعد نحو خمسين عاما من دور اديته فيها تلميذا على مسرح مدرسة المطران في عمان. ام ما رأيته هو ان \"اوبيرون\" قد يكون اقدر على حل معضلة هذا الصرح الاعلامي الذي ربما يحتاج الى شيء من سحره وعصارة زهره لحل اشكاله. واستعذت بالله مرة اخرى و بسملت وقرأت الآية الكريمة \" وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون\" صدق الله العظيم . َفمِن اعظم انواع العبادة العملُ الجيد الذي يكون نفعه عائدا لصالح عباده سبحانه ورفعُ الضيم واعطاءُ كل ذي حق حقه ، ولا حول ولا قوة الا بالله.