زاد الاردن الاخباري -
يمتنع الجسم الصحافي الاردني عن تمرير الاخطاء ومظاهر الارتباك التي ولدت علنا عند التعاطي مع تداعيات العملية الانتحارية التي شهدتها الاسبوع الماضي خوست الافغانية، فالصحافة المحلية لا زالت تنشر المقالات التي تمارس نقدا ذاتيا لمستويات التعامل الرسمي مع الحادثة ونتائجها، فيما يشكك الوسط السياسي بأن تكون مؤسسات الاعلام الرسمي قد غادرت فعلا موقعها الكلاسيكي القديم خلال التعامل مع حادث من هذا النوع اثار الكثير من الضجة في صحافة العالم. الملاحظة الاولى التي يقر بها الجميع في هذا السياق تتمثل في تلك الاعتبارات التي حكمت تفاعل وكالات الصحافة الوطنية مع عملية خوست قبل ان تستدرك مستويات الادارة العليا الخسائر الاعلامية وتبدأ بتقديم رواية اردنية للحدث تقابل على اقل تقدير الروايات الاخرى التي امتلأت بها وسائل الاعلام العربية والغربية. الصحافة اليومية المتحفظة دوما في كل القضايا الاساسية دخلت مبكرا واعتبارا من ليلة تفجير خوست في دائرة الصمت المطبق وبسبب حساسية المسألة الامنية وقفت يوميات الحكومة وتلك المحسوبة عليها بانتظار نص رسمي لا يقبل الاجتهاد، فنشرت في اليوم التالي نص الناطق الرسمي الدكتور نبيل الشريف الذي ينفي “اردنية” منفذ تفجير خوست فتكررت اخطاء مهنية مضحكة ذكرت الجميع بمستوى البؤس الذي يعاني منه الاعلام الرسمي. ولم تنشر غالبية الصحف اليومية ومعها وكالات الاعلام الرسمي اي قصة حول الموضوع خارج سياق الرواية المغلوطة للناطق الرسمي لكنها ايضا لم تصنع اي قصة اخرى على اساس مهني. وعلى الجبهة الالكترونية تمكن القارىء الاردني من الاطلاع على تفاصيل التفاصيل عبر الصحف ومواقع الانترنت العربية والدولية اضافة الى اجتهادات بعض المواقع الالكترونية. ذلك يعني وفقا لرئيس مركز حماية وحريات الصحافيين نضال منصور ان المواطن الاردني توفرت لديه القدرة على الاطلالة على كل ما ينشره الآخرون في العالم حول احداث اردنية بحتة وهو درس يؤكد منصور انه لا بد من قراءته جيدا، لان الاعلام الرسمي والحكومي لم يزود المواطن بأي معلومة حول احداث لها علاقة بأردنيين سواء تعلق الامر بهوية منفذ التفجير الانتحاري او بسقوط ضحية اردني جراء التفجير او حتى بالاسباب الغامضة لمنع عائلة الطبيب همام البلوي من التحدث للاعلام المحلي وعدم الاعتراض على تحدثها للاعلام الخارجي. والتعاطي الخاطئ مع المشهد لم يقف عند هذه الحدود، فقد فوجئ الجسم الصحافي بعد اليوم الثالث اثر تفجير قاعدة امريكية بخوست بالناطق الرسمي يتصل، كما كشف منصور، برؤساء تحرير الصحف المحلية ويطالبها باعتماد رواية وكالة الصحافة الفرنسية حول الموضوع، مما يعني ان هذه الرواية حصلت اكثر من غيرها على خلفيات الزاوية الحكومية لدرجة ان الحكومة تطالب باعتمادها. هذا السلوك اثار استياء المسؤولين في الصحافة المحلية بعدما بحث معظمهم عن رواية محلية مبكرة للحدث لتغطية الفراغات التي شهدتها الساحة فبحث المواطنون بشغف عن معلومات وغياب الصحافة المحلية عن التفاصيل دفع الجميع للتعامل مع روايات الاعلام الغربي ثم الاعلام العربي المصنف بانه خصم احيانا وغير متفهم او متعاون احيانا اخرى مع الحكومة الاردنية. وهذا النمط من الاخطاء المهنية والاعلامية في عالم الاعلام الفضائي اليوم هي نفسها التي تتكرر في الاردن منذ سنوات طويلة بالرغم من تكاثر الحديث عن خطط تطوير الاعلام المحلي، فالمؤسسات الرسمية ترفض حتى الآن الايمان بأن اخفاء المعلومات مهما كان مكلفا لم يعد ممكنا اليوم، وكذلك الصمت والامتناع عن تقديم رواية للحدث يمكن ان توازن وتوازي على الاقل الروايات الاخرى. وهنا يستذكر سياسي بارز اخطاء الماضي الاعلامية التي انتهت بتشويه صورة الاردن والتي رافقت مثلا محاولة اغتيال خالد مشعل في شوارع عمان والتي وصفها الناطق الرسمي بأنها “طوشة” وكذلك التشويهات التي لحقت بالبلاد عند التحدث عن تخزين اسلحة لحماس او عند التطرق لاي قضايا ذات مدلول امني. “هذا الوضع اصبح مزعجا ولا يمكنه الاستمرار”.. قال رئيس تحرير احدى الصحف اليومية باجتماع داخلي لحث الحكومة على مغادرة التردد وتزويد الاردنيين وليس غيرهم برواية ما مهما كانت لما يحدث ويخصهم، مشيرا الى ان وجود رواية اردنية للحدث مهما كانت صعبة افضل كثيرا من اعتماد اسلوب التصدي لروايات الاخرين بعد مرور الوقت مقترحا ان يقوم الاعلام الرسمي بواجبه بدلا من الاكتفاء باتهام الاخرين. “والمفارقة ان مطالبة الصحافيين المحليين بالمعلومات قد لا تبدو منطقية اذا انضم لقافلة المطالبين بالمعلومات وزراء في الحكومة وظيفتهم التعامل مع الرأي العام والدفاع عن التصورات الرسمية وهو دفاع يمكن ان يكون اكثر كفاءة اذا ما عرف الوزير بهذه التصورات وتفاصيلها اصلا” قالت ذلك المحامية اسمى خضر عندما كانت ناطقا رسميا وقاله مروان المعشر ويمكن القول ان الوزير نبيل الشريف يطالب به اليوم. القدس العربي