عندما نتكلم عن السياسة فلا بدّ لنا ان نبين امرا مهما لها لان كثيرا من الناس ينفرون منها .. ليس لمعناها الحقيقي وانما لمعناها المتداول بين الناس الان وهو الاسم فقط .. حيث يظنون ان كل واحد يخوض في السياسة هو معارض !!!
ومن هذا الباب اردت ان ابدأ بمقدمة موجزة لمسمى السياسة من مفهومها اللغوي والاصطلاحي لنكون على وعي كامل لما نقول بعد ذلك ... ومن هنا اكمل ما بدأت به من حلقات تتعلق بالحرب على ايران حيث تكلمنا في الحلقات السابقة عن الجغرافية الحدودية والتضاريسية لدولة ايران ومن ثم كان الكلام عن الاقتصاد الإيراني ...
واليوم نتكلم عن السياسة الإيرانية وسوف نخصص لها محورين الاول : السياسة الإيرانية مع دول الجوار .. الثانية : السياسة الايرانية العالمية ..... وسيكون المحور كله من داخل الأروقة الإيرانية مع فهم لها وتصريف لبعض معانيها ...
ومن هنا نبدأ بتعريف السياسة فنقول : ان السياسة في اللغة هو من رأس الشيء حيث القيام على الشيء و ترويضه ... وفي الاصطلاح أصبح المعنى مختلف لاختلاف الزمان والمكان وطبيعة العمل بهذه الكلمة \" السياسة \" فيكون المعنى لهذا الزمان هو قدرة البلد على التواصل مع غيرها باختلاف الطرق وبالمفهوم العام تكون الطرق والإجراءات التي بها يتم اتخاذ القرارات من اجل المجموعة ... وفي الحديث : كان بنو إِسرائيل يَسُوسُهم أنبياؤهم أَي تتولى أُمورَهم كما يفعل الأُمَراء والوُلاة بالرعية .....
1) السياسة الإيرانية مع دول الجوار : هذا المحور مبني على الحلقة الاولى التي تكلمنا فيها عن دولة ايران وحدودها .. اذا نظرنا الى ايران كـ دولة نجد ان موقعها استراتيجي من كل الجوانب كانت برية او بحرية او جوية فهي تربط الشرق الأقصى بالشرق الاوسط ولها تضاريس صعبة للغاية تحتاج الى مدة من الزمان لكي يتعود عليها المرء ... فكان الدور السياسي الايراني هنا يلعب بطريقة ذكية جدا حيث حاولت تجنب أي نزاع مع الدول الجوار خاصة تلك التي لا تنطق بالعربية مثل ( باكستان وأفغانستان وأرمينيا وتركيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق من أذربيجان وتركمنستان ) حيث عملت على نزع أي فتيل بنها وبين هذه الدول التي تحتاجها في المستقبل اذا خاضت أي حرب محتملة فتكون هذه الدول ضمن دول الحياد ...
اما الدول التي تتكلم العربية فاننا نجد على مرّ التاريخ وجود نزاعات معها ... مع ان ايران في الربع الاول من هذا العام عملت على توقيع اتفاقية أمنية مع دولة قطر ... وهنا يكون السؤال : هل وقعت ايران هذه الاتفاقية مع علمها ان اكبر القواعد الامريكية هي موجودة في قطر ؟؟؟!!! وهل تظن ايران بهذه الاتفاقية انها تتقي شرّ الولايات المتحدة وقواتها في قطر ..... تلك أسئلة كثيرة تحتاج الى تفكير كبير وعميق للإجابة عنها ... وسيأتيها وقتها ... ولكن نعود الى السياسة الايرانية مع دول الجوار العربية ... حيث تطرقنا الى وجود كثير من المشاكل بينها وبين الدول العربية نبدأها من العراق حيث من بداية وجود الدولة العراقية وهناك تنازع بينها وبين ايران وانفجر هذا النزاع بحرب الـ 8 سنوات حيث قتل الملايين من كلتا الدولتين ... وما زالت السياسة الإيرانية تناوش بالعراق وتجعل بينهما حائطا فولاذيا لعدم التقارب ... واذا نظرنا الى مملكة البحرين نجد الاستفزاز الايراني لهذه الدولة الشقيقة وبذلك بتصريح لبعض المسؤولين انها الولاية 24 لايران ... و ايضا العلاقة المتوترة بين المملكة السعودية العربية وبين ايران والمشاكل التي تكون من الحجاج الايرانيين وتعتبر السعودية خط مواجهة صريح مع ايران حيث يعتبر الخليج العربي كخط فاصل بين الدولتين من كل نزاع ... والى الجنوب نجد المشكلة المتعلقة بالجزر البتي احتلتها ايران من الإمارات العربية ظلما و زورا ... كل هذه الشواهد تدل على الاستفزاز الايراني لدول الجوار .. وفي العمق نجد العلاقات الايرانية مع سوريا ومع حزب الله اللبناني خاصة متقدمة جدا وذلك للمصالح المشتركة بينها
2) السياسة الايرانية العالمية : هذا هو المحور الثاني وهو مبني على الحلقة الثانية التي تكلمنا فيها عن الاقتصاد الإيراني وعن قوته من جهة وعن ضعفه من جهة أخرى ... وتمثلت هذه السياسة بوضوح تام مع وجود الوجوه الجديدة في سدة الحكم الايراني حيث عملت على بناء قاعدة راسخة لها في الداخل وذلك بتغيير كثير من الدبلوماسيين القدامى واستبدالهم بوجوه جديدة تكون قريبة من الحاكم ... كما عملت السياسة الايرانية الجديدة على تحييد البيروقراطيين فيها وتحجيمهم ....
وفي لمحة سريعة للسياسة الخارجية الايرانية نجدها محاربة بشدة من معظم دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها اما بسن العقوبات عليها او بتجديده وتشديدها تارة أخرى ... لذلك عملت السياسة الايرانية على ايجاد حليف داعم لها وذلك بالتعاون الاقتصادي بينها وبين ذلك الحليف حيث يكون الحليف هو المستفيد الاكبر من هذا التحالف وهي الدولة الروسية التي عملت على ابقاء خيط المودة بينهما في كل المجالات وعلى رأسها المجال النووي .... ولكن في السنوات الأخيرة أصبحنا نشاهد الضغط المستمر على روسيا والصين بسبب الدعم المعنوي لايران حيث اصبحت روسيا والصين تؤيد في بعض الاحيان تلك العقوبات على ايران وكل هذا بسب الخوف على مصالحها التجارية والعسكرية مع دول العالم ... ...
و في خلاصة بسيطة نجد ان السياسة الايرانية تفتقر الى فن لعبة الكراسي التي تمارسها دول العالم حيث تعتقد ان السلاح الذي عندها وهو النفط والمجال النووي كان سلميا او عسكريا سيكون ورقة مهمة وقوية في أي مواجهة محتملة مع أي دولة كانت كبيرة ام صغيرة ..... و المشاهد عكس ذلك ...
يتيع .... مع الحلقة الرابعة .. (الحلقة الرابعة : المذهب الايراني وعلاقته بالدولة ودور الثورة الايراني في بنائها )
الشيخ محمد عايد الهدبان
Malhadn2000@yahoo.com
0788171870