باشرت حكومتنا منذ اليوم الأول لتشكيلها بتشخيص أخطاء من سبقها ولخصت معالجتها لهذه الأخطاء بشعارات جميلة وذات وقع رنان على الأذان , اعتبرتها برامج عمل للمرحلة القادمة , فرفعت شعار الشفافية في أولى أيامها لأنها بتشخيصها لازمات الماضي عرفت بان الضوء الخافت يقلل الإنتاج وأن العتمة تضيع الكثير من الفرص على الوطن وان السارقين والعابثين يتسترون بالظلام , ولفرط شفافيتها واستخدامها للإنارة الساطعة نرى لحمها النقي من الشوائب من تحت قميصها الذي ازدادت شفافيته مع ارتفاع درجات الحرارة , ولخوفنا عليها من البرد وتبديد حرارة جسمها ونحن بأمس الحاجة إلى دفئها نرجوها أن تعيد تغطية جسمها بعد أن طمأنتنا على ما تحت قميصها , ونرجوها أن لا تغرها حرارة نهار الصيف فليلة بارد وبرده أسوا من برد الشتاء , ويزداد بردة سوءا إذا جاء بعد أكل الدسم وخاصة دسم تقريب وجهات النضر أو ترطيب الأجواء أو دسم المصالح المفضي إلى سوء هضم . وهنا لابد وان نطمئن حكومتنا على شعبها ونقول لها بان الأردنيين بعد أن مرضت مرارتهم ابتعدوا عن الدسم وخاصة الدسم من الأشكال المذكورة و بدئوا ازدرائه فهو يسبب لهم سوء الهضم وقد يلهي حكومتهم بمعالجته عن مشاغلها الأخرى الأهم ومن بينها العرس الانتخابي وعرس تحسين الاقتصاد وعرس هيكلة رئاسة الوزراء خاصة وان أصدقائنا الانجليز حاضرين في هذا العرس وغيرها من الأعراس التي تكثر في بلدنا صيفا .
للتعبير العملي عن شفافيتها , زجت حكومتنا بمجموعة من موظفي الدولة في السجن وأحالت آخرين للتقاعد أو الاستيداع وآخرين أنهت خدماتهم وآخرين قفزتهم إلى مناصب رفيعة جدا , كيف لا وهى شفافة جدا وكل ما تتخذه من قرارات يكون حسب الأصول الشفافة , وحتى إن كان هناك شبهة دستورية أو قانونية فإنها وبشفافية تامة تتجاوزها بتفسير من مرجع قانوني شفاف , وإذا لم يتوفر النص القانوني الذي يسعفها في اتخاذ القرار فإنها تستند إلى الدستور وتصدر قانونا تستطيع من خلاله اتخاذ القرار ومن الأمثلة على ذلك قوانين الضريبة والضمان الاجتماعي والجامعات واستقلال القضاء والانتخابات وغيرها مما اقرتة أو في طريقها إلى اقرارة ولا يحتمل إقرار القانون مع حكومتنا النشيطة جدا أكثر من كبسة زر على كمبيوترها , وعلى هذه القاعدة فحكومتنا طالما أنها شفافة فهي غير آبهة لما يقوله الناس, وان ما يعنيها التزامها بالشفافية وبما يخدم البلاد والعباد , لذلك فهي تعتبر خلافها مع العمال والمعلمين والمتقاعدين العسكريين والقضاة وحتى لو اقتضى الأمر خلافا مع كل شرائح المجتمع ثمنا للشفافية تقدمة وهي مرتاحة .
بعد الشفافية , رفعت حكومتنا شعار النزاهة , واعتمدته كبرنامج عمل لتجاوز سلبيات الماضي وشوائبه الضارة بالصحة العامة للوطن , وأبلغتنا بان كل حياتنا إنشاء الله ستكون نزاهة في نزاهة وان انتخاباتنا القادمة والضرائب المدفوعة من جيوب الناس للوطن خالية من كل الشوائب حتى من غبار الجو العادي الذي كثر هذه السنة في كل مدننا وقرانا , وهى منذ أن أقرت قانونها للانتخابات باشرت جهودها المضنية في الإعداد للانتخابات من تسجيل ونقل دوائر انتخابية , ومن لقاءات وندوات وإعلانات وكتابات في الصحف وحضور ولائم لتشرح للناس كم هو رائع القانون الجديد وأنة بهذا القانون سنتجاوز إن شاء الله أخطاء الماضي وسلبياته وبة سنوصل لبرلماننا من هو الأفضل والأقدر على خدمة البلاد والعباد , وأبلغت الناس بفتوى قطعية بان المشاركة في الانتخابات القادمة واجب وطني لأنها ستفرز من سيخدمون الوطن , وبموازاة العملية الانتخابية المضنية التي باشرتها حكومتنا رفعت الأسعار وزادت من الضرائب وذلك بخطوة ذكية جدا تقلل من خلالها من تأثير المال السياسي في مجريات الانتخابات ولتقول للمواطن انك تعمق من انتمائك بدفعك المال الضريبي للوطن بنفس الوقت الذي تساهم بة في تشكيل برلمان الوطن . أي أنها لبعد نضرها ونفاذ بصيرتها رفدت نضالها السياسي الاجتماعي المرير في مجال الانتخابات بما يتطلبه من قوانين اقتصادية مستعجلة , كيف لا وهى العارفة بان النضال لا يتجزأ بل يجب أن يكون على كافة الجبهات .
وزعت حكومتنا الأدوار بين طاقمها للنضال من اجل خدمة الوطن والحمد لله جميع وزرائها أدوا أدوارهم حتى أنهم ابتعدوا عن صفتهم السياسية وتركوا مكاتبهم ليكونوا على رأس أعمال وزاراتهم لينجحوها بتجاوز البيروقراطية في الإدارة , وكانت ابرز النجاحات في مجالات التربية والتعليم والزراعة والعدل بين الناس , وبرغم كثرة الانتقادات والاحتجاجات والاعتصامات أكدت الحكومة أنها مع وزرائها وأنها لا تتنازل عن هيبتها مهما حصل , ولان الناس تريد حرفها عن مسار النزاهة الذي وعدت الوطن بأنها سائرة فيه قررت إنهاء خدمة كل من يعترض هذا المسار.
لا يتسع المجال للحديث عن انجازات حكومتنا , وسوف نناقش هنا بعضا من جهدها في مجال الانتخابات البرلمانية القادمة . لكي تكون انتخابات حرة نزيهة هدفها خدمة الوطن والمواطن , تحولت حكومتنا إلى خلية نحل أدوارها متناغمة مضبوطة بإيقاع الوطن ونغماته , فمنهم من هو مهتم بالتسجيل ونقل الدوائر الانتخابية , ومنهم من يبين مزايا قانون الانتخابات وافضليتة على غيرة من القوانين , وشرح أهمية التسجيل والاقتراع لانتخاب الأفضل والإيفاء بفتوى المشاركة في الانتخابات واجب وطني لانجاز مشروع وطني , ومنهم من هو مهتم بقراءة التاريخ السابق لقانون الانتخابات من باب نقد السلبيات وتجاوزها , وهذا الأخير مناط بوزير التنمية السياسية موسى المعايطة , ومن بين ما شخصه من أخطاء المجالس النيابية السابقة أن المجالس النيابية الخمسة الماضية لم تتقدم بأي اقتراح لمشروع قانون انتخاب واستطرد بان البرلمانيين السابقين يعتبرون القانون الذي أوصلهم للبرلمان يعتبر قانونا عادلا. وبهذا التشخيص بادرت حكومتنا وبرغم مشاغلها الكثيرة والكبيرة لصياغة القانون الحالي العصري الذي لا يوصل للبرلمان إلا من هو على قدر المسؤولية .
ختاما لترى حكومتنا كيف أن اللغة تتسع وبمكياج بسيط إلى تحويل الخطأ إلى صواب والنفاق إلى تفانى والكذب إلى مذاق مستساغ , ولحبنا لها ولشفافيتها ونزاهتها نرجوها ترك الحديث في هذه العناوين وترك الحديث عن الأيام الخوالي حتى لا توجع راسها , فيجب أن يبقى رأسها صافيا يعينها على المضي في انجازاتها.
د. عبد الله الرواشدة
drabdullah63@gmail.com
0795507156