زاد الاردن الاخباري -
يعرفه الكثير من المتابعين والنقاد الفنيين في مجال الدراما السورية على أنه الفنان الذي لا يشبه إلا نفسه، فهو يتميز بخصوصية درامية في الأداء والحرفية والمهارة في تجسيد الشخصيات حتى غدا، على الرغم من رحلته الفنية القصيرة نسبيا، حيث ينتمي إلى جيل الفنانين السوريين الشباب، نجما متألقا يمتلك أدواته الفنية بمهارة وجدارة، كما ترك بصماته على كل دور أداه إن كان في الأعمال الاجتماعية المعاصرة أو في الأعمال التاريخية.
ولعل الأبرز في هذا المجال بصمته على شخصية عصام في المسلسل الشامي الأشهر في تاريخ الدراما السورية «باب الحارة» بأجزائه الأربعة، والخامس القادم في شهر رمضان المقبل، إنه الفنان السوري الشاب ميلاد يوسف، الذي التقته «الشرق الأوسط» في دمشق، فكان الحوار التالي:
* ماذا عن أعمالك الجديدة وتطور شخصية عصام في الجزء الخامس من «باب الحارة»، هل هناك جديد في خط سيرها؟
- كان لي هذا الموسم عدة أعمال صورتها، ومنها مسلسل «ساعة الصفر» مع المخرج يوسف رزق، حيث جسدت فيه شخصية صحافي متخرج حديثا في الجامعة ويبحث عن فرصة عمل ونتيجة الظروف المعيشية الصعبة لأسرته يضطر إلى العمل في مجال بعيد عن تخصصه حيث يعمل نادلا في مقهى ولكنه يتورط مع شبكة للموساد، ويبرز وطنيته فيما بعد حيث يتعاون مع رجال الأمن لكشف هذه الشبكة العميلة، فخط الشخصية بوليسي اجتماعي مع روح وطنية. ومسلسل «ما ملكت أيمانكم» مع المخرج نجدت أنزور، حيث أؤدي شخصية تمثل إحدى طبقات المجتمع، حيث ينتمي إلى الطبقة الغنية ويرتبط بعلاقة حب مع فتاة ولكن تفشل العلاقة بسبب التباين الطبقي بينهما. ولي مشاركة في مسلسل «أقاصيص مسافر» مع المخرج خالد الخالد بمجموعة لوحات شامية بكاراكترات مختلفة ومقدمة بشكل لطيف وتشكل فرصة لنا كممثلين لنجرب تقديم عدة كاراكترات في لوحات متعددة، مدة الواحدة منها ساعة من الزمن.
وفيما يتعلق بشخصية عصام في الجزء الخامس من «باب الحارة» والمفترض أنه الجزء الأخير، فهناك تطور واضح فيها، وخاصة أن الجزء الخامس منه عاد إلى قواعده الأساسية من حيث الحكاية الشعبية والتفاصيل الصغيرة في العلاقات الاجتماعية، وشخصية عصام تأتي في هذا السياق وسيلاحظ المشاهد لها أنها نضجت كثيرا إلى درجة أن هناك «إشاعة»؛ أنه يتزوج للمرة الثالثة! وتلعب شخصية عصام دورا محوريا في تطور أحداث مفاجئة تحصل في الحارة.
* من المعروف أن شخصية عصام تركت بصمة مميزة في مسيرتك الفنية، فإلى أي مدى كنت سعيدا عندما يختلط الأمر على الناس في الشارع والمجتمع وينادونك بـ«عصام» بدلا من «ميلاد»؟
- لا شك أن مسلسل «باب الحارة» ثبت وجود ميلاد يوسف ولكنني لم أعتمد عليه كليا وحاولت أن أهرب من الكاراكتر حتى لا يبقى مطبوعا في ذاكرة الناس وحاولت أن يكون لدي زخم ومردود مرافق لشخصية عصام بأعماله وحضوره.
* هل حصلت طرفة معك من خلال شخصية عصام؟
- لا شك هناك طرائف حصلت أثناء التصوير وفي المجتمع، ومنها أنني أثناء تصوير الجزء الخامس وفي مشهد يتحدث فيه عصام مع زوجته لطفية، ويكون هناك صراع بينها وبين زوجته الأخرى هدى فأنبت لطفية وقلت لها: «كفاك!.. صرنا في الجزء الخامس وما حلك تفهمي المشكلة التي تحصل؟!»، وهذه نتيجة امتلاكنا لأدوات العمل، وهناك مشاهد طريفة تتعلق بغيرة الممثلات خارج مواقع التصوير، وفي الشارع ومع الناس داخل وخارج سورية كان المميز هنا أنني ألتقي بعض السياح الأجانب يأتون إلى موقع تصوير «باب الحارة» ويكونون مشاهدين له ويعرفون أسماء الشخصيات، والطريف هنا أن بعض السياح لا يعرف شيئا عن المنطقة ولكنه يعرف «باب الحارة»، وهذا شيء جميل حتى إنني صادفت أناسا أجانب جاءوا خصيصا ليروا أماكن تصوير المسلسل، والسؤال الذي أسأله دائما في الشارع: هل سيعود أبو عصام إلى باب الحارة؟ والطريف أن الكثيرين يسألونني من منطلق أنني ابنه وأعرف كل شيء عنه ووصي عن هذه القصة، وعلقت في أكثر من مناسبة أن السؤال حول عودة أبو عصام من كثرة السائلين يجب أن يدخل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، ففي فترة ما كان أكثر سؤال يسأل، حتى أكثر من سؤال: من سيربح الانتخابات الأميركية أوباما أم هيلاري كلينتون؟!
* وهل هناك جديد لديك في السينما؟
- أنا سعيد هذا العام بتجربة سينمائية شاركت فيها وأثلجت صدري بعد فترة من الزمن وهو فيلم «دمشق مع حبي» وهو للمخرج محمد عبد العزيز، وألعب فيه شخصية الراهب سليمان، ورغم أن آلية العمل السينمائي مختلفة عن التلفزيون، شعرت في هذه التجربة أنني أقدم شيئا جديدا وفي إيقاع مختلف عن الإيقاع التلفزيوني وفي الوقت نفسه تبرز هذه التجربة احترافية الفنان السوري ومدى مقدرة الآخرين على استغلال إمكاناته في عمل سينمائي مع وصوله إلى مرحلة عالية من الاحتراف، ولذلك فإن هذه التجربة تحرضنا مستقبلا على خوض التجارب السينمائية وليس فقط أن تكون موجودا في أربعة أعمال تلفزيونية مثلا، فالسينما لها منحى آخر كما أنها تساعدنا في الخروج من الأزمة التي نعيشها مع المؤسسة العامة للسينما وهي في رأيي لاعب سينمائي في جزيرة مجهولة ومهجورة، ولذلك آمل من هذه التجربة والتجارب السينمائية الخاصة أن تساعد في ولادة حركة سينمائية تحقق طموحنا كفنانين شباب ويكون لدينا في رصيدنا ذاكرة سينمائية.
* هل لديك مشاركات درامية خارج سورية؟
- تلقيت دعوات للمشاركة في أعمال مصرية ولكن لا تعنيني هذه التجارب وأشعر أن تجربة في بلدي أهم ولكن المعادلة هنا أنه إذا استقطبت كممثل سوري ودور سوري فلا توجد مشكلة لدي ولكن الذهاب إلى مصر والمشاركة بلهجة مختلفة عن لهجتي السورية لدي تحفظ تجاهها، وهناك سؤال يطرح نفسه: لماذا يوجد عدد كبير من الشخصيات السورية في المسلسلات الخليجية، بينما لا وجود لها في الأعمال المصرية؟ ألا يوجد تمازج اجتماعي هناك كما هو في الخليج؟ وأسأل هنا: هل وجود شخصيات سورية في المسلسلات المصرية أزمة، أو هناك صعوبة فيها؟
* هل يعني ذلك أنك لا تجيد اللهجة المصرية؟
ـ لا أرغب في الدخول إلى هذه المواضيع، فأنا أتمكن من إجادتها وخاصة أنها لهجة سهلة ولكن لا تغريني هذه التجربة، في رأيي أنه لم نشاهد تجارب ناجحة بوجود الممثل السوري في الأعمال المصرية ولم أر شيئا مميزا فيها باستثناء تجربة الفنان جمال سليمان، ولكن لا يمكن أن تضع عليها قواعد فهي تجربة ناجحة ومحترمة ولكنها طفرة ولا يمكن أن تتحول إلى تقليد وبعدها لم أر أي تجربة ناجحة في هذا المجال.
* كيف يمكن المحافظة على نجاح دراما البيئة الشامية وعدم تكرار الشخصيات والأفكار؟
- في رأيي أن الأعمال الشامية لكونها أعمالا خاصة جدا ومواضيعها قابلة للمقارنة وتتحدث عن فترة زمنية محددة، يجب أن يكون هناك خصوصية لكل عمل بحيث تنطلق من أسلوب الإخراج ومن النص ومن شخصيات الممثلين، فمشكلة تكرار الممثلين يلعب دورا في عدم نجاح العمل وكذلك تكرار الكتاب والحكاية والنص وتكرار الحالة، فبعض الكوادر تشبه بعضها، ولذلك أرى هنا، وللمحافظة على نجاح أعمال البيئة الشامية، أن يكون هناك حرص في التعامل مع هذه البيئة لإبراز خصوصيتها وفي الوقت نفسه عدم الإكثار منها حيث تفقد الكثرة نكهتها ولذلك يجب أن يكون هناك نوع من الشوق تجاهها، ولذا علينا ألا ننظر من منطلق أنها أعمال ناجحة فلندخل بها إلى أقصى الحدود وتبقى الأعمال الجيدة هي التي تفرض نفسها في هذه المسلسلات.
* هل شاركت في الدراما المدبلجة؟ وهل دعيت إليها؟
- لا لم أشارك فيها مطلقا ولا تعنيني وأثرت في فترة من الفترات على الدراما السورية ولدي حس مستقبلي حولها، حيث أعتبرها طفرة وانتهت حتى سمعت أن هناك شركات عديدة لها علاقة بشركات دبلجة أغلقت أبوابها، والسبب أن ذلك نتيجة الزخم الذي حصل واعتقاد البعض أنه عمل ناجح يمكن أن يعمل أسلوبا فنيا جديدا، كما أن عدد المشاهدين للدراما المدبلجة تضاءل حيث عاد المشاهد للقصة الحقيقية ومشاهدة الممثل بتعابير وجهه الحقيقية ولهجته الأصلية، وفي رأيي أنه حصل نوع من التشويه، فالممثل التركي الذي يتحدث باللهجة السورية أو بلهجات أخرى يشعر المشاهد أن هناك شيئا ناقصا وله علاقة بالتشويه.
* يقال إن هناك عودة قوية لـ«الشللية» في الوسط الفني السوري، هل شعرت بذلك فعلا؟
- نحن بشكل عام نقنع أنفسنا بأنه مجموعة من التفاهمات، حيث إن كل جهة تقرر المجموعة الفنية الخاصة بها، لكن في رأيي أن هذا الشيء غير صحي فكلما كان هناك استقطاب لوجوه جديدة كان أفضل، وبالنسبة إلي لست محسوبا على أي شلة فنية وأعمل مع الجميع وخياراتي مفتوحة، وفي رأيي أنها تعود في المحصلة للفنان نفسه في أنه كيف يمكن أن يقولب نفسه مع جهة معينة ولكن الشللية كظاهرة ستنتهي بعد فترة حيث يحصل تبادل بين المجموعات الفنية، وبشكل عام الشللية ظاهرة غير صحية وأنا لست راضيا عنها.
* وحول ما يقال عن تفاوت أجور الفنانين السوريين ما بين الصف الأول والصفوف الأخرى، ما رأيك في ذلك؟
- هذا في رأيي أحد مساوئ العمل في الدراما المصرية ومن نتائجه السلبية، فهذه القصة جاءتنا استيرادا لأن آلية إنتاج العمل المصري مختلفة كليا عن آلية إنتاج العمل السوري، فالعمل المصري ينتج من جهة رسمية قادرة على دفع مبالغ كبيرة للممثلين في حين أن المنتج السوري غير قادر على فعل ذلك، والمعروف أن الدراما المصرية تعتمد على النجم الأوحد، وهذا في رأيي أحد المطبات التي وقعت فيها وأثرت عليها ولذلك فإن استيراد حكاية النجم الأوحد أثر في لحظة من اللحظات على الدراما السورية وهناك فعلا تفاوت كبير في أجور الفنانين ويعاني منه الممثلون ولكن أعتقد - إن شاء الله - ستزول هذه المشكلة قريبا لأن الدراما السورية قائمة على مشروع جماعي وليس مشروع نجم وسيعود المنتجون السوريون إلى القاعدة الأساسية المعروفة في الدراما السورية، خاصة بعد عدم نجاح تجربة النجم في العمل الدرامي السوري من خلال تجارب سابقة.
* هل يمكن أن نشاهدك مخرجا أو منتجا كبعض زملائك الفنانين السوريين؟
- لا.. أبدا.. ويبدو أن القضية هنا أن الممثل السوري، ونتيجة عمله الدرامي، صار يمتلك أدوات كثيرة ولا أدري إن كانت هناك حرفية عالية أم لا، ولكن أعلم أن الممثل السوري وخاصة أنه يوضع في ظروف عمل صعبة، يكون ضمن لعبة العمل بشكل كامل وهذا ما جعله قادرا على القيام بتجارب الإخراج والإنتاج وهي أمور منطقية وصحية، ولكن في رأيي أن الممثل في المحصلة سيبقى ممثلا ولو فهم اللعبة ودخل في تفاصيلها، وليس خطأ أن يدخل الممثل في مثل هذه التجارب، وهناك من تخلى عن التمثيل لصالح الإخراج وقدم تجارب ناجحة ومحترمة، في حين أن البعض لم يقدم تجارب ناجحة، حيث يبقى ذلك قراره الشخصي.
* هل لديك هوايات أخرى غير الفن والتمثيل؟
- لدي هوايات كثيرة، ومنها القراءة والاطلاع على كل ما هو جديد في عالم الثقافة، وأحب السفر كثيرا وأمارس رياضة السباحة، ومن هواياتي التي أحبها كثيرا «الطبخ»، وأنا بارع في تحضير جميع المأكولات الشعبية الشامية، كالشاكرية والمحاشي!
دنيا الوطن