السفارة الأمريكية في عمّان حذرت مواطنيها يوم الأربعاء من زيارة مراكز التسوق الراقية في العاصمة عمان خشية تعرضها لهجمات انتقامية من قبل متطرفين ، مثل هذا التصريح لا يمكن المرور عليه مرور الكرام ، وعلينا التوقف عنده وطرح عدة أسئلة :
ما هو الهدف من إطلاق مثل هذه التصريحات للإعلام ؟
اذا كان لدى السفارة الامريكيه المعلومات الاستخباراتيه عن حجم التهديدات الارهابيه وموعدها فلماذا لا تعلن عن مصدرها ومن يمولها ؟
برأيي ان الهدف القريب من إطلاق مثل هذه التصريحات هو صناعة القلق لدى الشارع وتهيئته لتوقع اعمال ارهابيه داخل الأردني مستقبلا ، فالواقع السياسي والأمني يعيش هذه الأيام مأزقا حقيقا وخصوصا أن المحيط الإقليمي ملتهب وشرره بدا يتطاير ويصل إلى نوافذ الوطن ، ولان الشارع الأردني بدا يفهم أبعاد الانخراط في التحالف الدولي ضد الإرهاب وبدأت حالة التراخي وفقدان الحماس لدى الشارع الأردني تتسع ، بعدما تكشفت أوراق صناعة التنظيمات الإرهابية وأهدافها في تدمير الاوطان وتفكيك الجيوش وإشعال الفتن الطائفية .
وللحفاظ على حالة الحشد والشحن للشارع الاردني التي اكتسبها بعد استشهاد الطيار معاذ الكساسبه ووقوفه وراء توجه الحكومة نحو مزيد من الانخراط في اشتباك المسلح مع التنظيمات الارهابيه ، كان لابد من إدامة هذا الشحن بخلق حالة من القلق والترقب لدى الشارع الأردني ،وجعله مشتت الذهن غير قادر على اتخاذ قرار سليم ينقاد بسهوله ويفقد خيار الاختيار فيوافق على كل الخطوات القادمة دون تردد فاليأس تسلل إلى صدور الناس وجعلهم يتشبثون بشعار الأمن والأمان ووصل الأمر بهم الى التخلي عن شعار الإصلاح ومحاربة الفساد بحجة ان الوضع لايحتمل وليس وقته طرح قضايا جوهريه كحرية الرأي والتعبير ومكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين وتعديل قوانين الإصلاح السياسي ، مما سمح لشخوص الفساد المزاودة على الاردنيين بوطنيهم فاعتلوا المنابر رافعين شعار "كلنا فداء للوطن و"الحرب حربنا" ...والعدو واحد والإرهاب يهددنا والوحدة تجمعنا ...
صناعة القلق فن تتقنه حكومات الظل لتوظيفه لخدمة الأهداف الكبيرة ، ولا يمكن تفسير التحول الى القبضة الأمنية في الآونة الاخيره والتشديد على دعاة الإصلاح وتوجيه الاعلام والسيطرة عليه إلا لتهيئة الشارع الاردني لمزيد من التضييق على الحريات وقطع الطريق على المطالبين بالإصلاح بحجة مكافحة الارهاب ..الايام القادمة حبلى بالتطورات وربما نشهد تشكيل حكومة شبه عسكرية خلال الاشهر القادمة ، وربما تتطور الحالة لاحقا الى إعلان حالة الطوارئ ، وعندها نسمع أصوات عاليه تردد أن لا صوت يعلو على صوت المعركة فالقرار تتم صناعته في المطبخ الأمريكي وعلى جميع الدول العربية تنفيذه ، فشتاء هذا العام حمل الكثير من الأعاصير وربما ينتظرنا المزيد من الأعاصير وسوف يطال تأثيره الجميع ..
اللهم أحفظ وطننا وشعبه من كل مكروه ..اللهم آمين