بات في حكم المؤكد أن تجربة « القاعدة « وأيضاً « الحوثيين « في اليمن قد تتكرر في أي دولة عربية، وبخاصة الدول الرقيقة الخاصرة، ما لـمْ يكن هناك حسم منذ البداية فالإسترخاء هو الذي يشجع الدببة على إستهداف كروم المتثائبين والكرة الثلجية تبدأ عند قمة الجبل صغيرة ثم تأخذ تكْبر وهي منْحدرة نحو المناطق المنخفضة إلى أن ْ تصبح بحجمٍ كبير حيث تجتاح كل ما يعترض طريقها وتأخذ في وجهها حتى ما كان يُعتقد أنه متينٌ وثابتٌ ولا يمكن إقتلاعه .
هناك أناسٌ لا «يختشون « ولكنهم يخافون والشاعر العربي الجاهلي المجرِّب والمبدع كان قد قال قبل أكثر من ألف عام : « ومن لم يذُد عن حوضه بسلاحه يثلِّم « وهو لم يقُلْ بكلامه فهناك جهات ومجموعات لا ينْفع معها إلاَّ السلاح ومنذ البداية و» العيْن الحمراء « هي التي تجعل كل صاحب قلبٍ متورم بالأحقاد يفكر مراراً وتكراراً قبل أن يحاول المسَّ بهيبة الدولة وأيُّ دولة .
في كل يوم يزداد الطيبون قناعة بأن هناك أكثر من « قاعدة « تختبىء في ثنايا مجتمعاتهم وأن هناك من يرتدون أثواب الأصدقاء وهم أعداء وحقيقة أن هذا قد تجسَّد بوضوح كامل عندنا هنا في المملكة الأردنية الهاشمية حيث أنعشت عملية « خوست « الإرهابية شجاعة المترددين وجعلتهم يرفعون عقائرهم ويتجرأون على إستهداف هيبة الدولة وإن بطرق ملتوية ستتحول إلى مباشرة ومستقيمة مالم يُلكمون على أنوفهم منذ البداية .
ما كان يُعتقد أن « القاعدة « ستُصْبح مُتجذرة في اليمن على هذا النحو وما كان يعتقد أن الحوثيين سيصبحون ضرساً ملتهباً في الفكِّ اليمني لكن ثبت أن وراء هؤلاء قوىً ودولاً معروفة إستغلَّت سياسة طيبة القلب فتمادت في التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية وهذا سيتكرر مع دولٍ عربية أخرى إن هي لن تدافع عن حوضها بسلاحها وإن هي لن تضرب بيدٍ من حديد على أيدي الذين يخافون ولا « يختشون « والذين هُمْ دائماً وبإستمرار بإنتظار أي لحظة ضعف أو إسترخاء أو تهاون لينْقضُّوا على هيبة دولهم ويكشفوا عن وجوههم الحقيقية .
لقد غدت اليمن تواجه أخطاراً فعليِّة فبالإضافة إلى الحوثيين هناك « القاعدة « وبالإضافة إلى « القاعدة « هناك « الحراك الجنوبي « وبالإضافة إلى هؤلاء جميعاً هناك التطلعات والأطماع الإقليمية وهذا يستدعي ألاَّ يُترك هذا البلد العربي يواجه هذه الأخطار وحده والمثل يقول « أُكلْت يوم أُكل الثور الأبيض « وحقيقة أن الإستهداف لا يهدد دول الخليج العربي وحدها وإنما أيضاً دولاً عربية أخرى تعتقد أن ألْسنة النيران بعيدة عن أطراف ثيابها!! .
في السابق كان هناك إمكانية لما يمكن وصْفه بالميوعة السياسية أما الآن وقد تمادت الظاهرة الإرهابية المدعومة بإمكانيات دول لها تطلعات إقليمية في هذه المنطقة لم تعد خافية إلا على من لا يريد أن « يكْشعْ « ويرى فإن التساهل بات يشكل جريمة لا تُغتفر لأن مثل هذا التساهل سيُشجِّع الذين يخافون ولا يختشون على التمادي ويجعلهم ينتقلون من خنادق التردد إلى خنادق المواجهة .