إن النمو السكاني الواضح والذي يؤدي بشكل مطرد إلى تزايد أعداد الطلبة .. ينعكس بشكل واضح على المدارس والحاجة الملحة لتوفير الطاقات والإمكانات لتوفير أفضل السبل من أجل المحافظة على التوازن الديموجرافي لتوفير بيئة مدرسية قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة مما يؤدي حتما إلى إيجاد آليات عمل جديدة وبرامج تستطيع السيطرة على الواقع الجديد لمواجهة هذا التحدي .. إضافة إلى تزايد أعداد الطلبة المنقولين من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية وهذا يدفعنا إلى القول _ كان الله في عون وزارة التربية والتعليم _ التي تسعى جاهدة إلى تذليل كل الصعوبات وتوفير كل الإمكانات في سبيل الارتقاء بالعملية التعليمية في ظل ذلك التزايد الواضح لأعداد الطلبة والحاجة الضرورية لتوفير الكوادر التعليمية من المعلمين والمعلمات بشكل مطرد .
فالتنامي الواضح في أعداد الطلبة إضافة إلى انتقالهم بين مراحل التعليم المختلفة رأسيا وأفقيا حتى قمة الهرم التعليمي.. أي من التعليم الأساسي وحتى مراحل التعليم الجامعي .. يدفعنا إلى مراجعة واقعية واضحة لبحث الحاجة الملحة إلى وضع معايير تربوية قياسية لاختيار الجودة الأفضل .. تأهيلا وتدريبا ومهارة واستعدادا من بين المعلمين المتقدمين للالتحاق بمهنة التعليم .. سواء المتخصصين تربويا أو غير التربويين.
لذلك ينبغي أن ندرك تماما أن حاجتنا حتمية إلى تدريب المعلمين والمعلمات عند تعينهم ومنحهم الوقت الكافي في ذلك قبل ممارستهم المهنة بهدف تهيئتهم وتنمية مهاراتهم وتزويدهم بما يعزز كفاءتهم المهنية والعلمية ويتناسب مع المعايير القياسية للجودة النوعية للمعلم مهما كان حجم الطلب على المعلمين والمعلمات قليلا أو كثيرا بغية تحسين جودة مخرجات النظام التعليمي.
من هنا يبرز الدور الكبير الملقى على عاتق قسم التدريب والتأهيل والإشراف التربوي في وزارتنا العتيدة لتذليل كل الصعوبات وتوفير الإمكانات في سبيل إنتاج معلم منتج في جعبته المقدرة على التفاعل مع العمل التربوي مهنيا .. إضافة إلى المقدرة على التفاعل إيجاباً مع مختلف أركان المجتمع الطلابي المدرسي بكل همة ومسؤولية ..
ولعل الدعوات المتكررة التي وجهتها جلالة الملكة رانيا العبد الله والتي تدعو إلى ضرورة تأهيل المعلم وصقل شخصيته بما يتطلبه النظام التعليمي الجديد أكاديميا ومهنيا أدى إلى بروز الدور المحوري والواضح لوزارة التربية والتعليم في ضرورة إيجاد برامج التأهيل التربوية التي تضمن الأعداد الجيد للمعلم .. لذلك عمدت إلى إقامة شراكات حقيقية مع مختلف القطاعات التربوية وعلى رأسها أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين من أجل الارتقاء بالمستوى المهني للمعلمين بما ينسجم والتربية الحديثة في عالم متطور دائم التغير والتجدد .
من هنا وجب علينا بحث آليات متطورة في اختيار المعلمين وانتقائهم .. فعند حاجتنا المتزايدة إلى كوادر تدريسية وبأعداد كبيرة تخفض بعض الشروط التي وجب تحققها في تلك الكوادر لسد الحاجة الملحة إليه اضطرارا .. حتى يتوفر الشيء المطلوب.. وقد مرت وزارة التربية والتعليم بحهود مضنية لتوفير الكوادر التعليمية خاصة في بعض التخصصات التعليمية التي تجد شحا في خريجيها .
إن عملية انتقاء المعلمين والمعلمات للتعيين في وزارتنا العتيدة يتطلب وضع آلية تشتمل على ثلاثة جوانب :
أولها : المقابلة الشخصية واختيار المعلمين والمعلمات ممن تتوافر فيهم المقومات الشخصية المطلوبة تربويا ونفسيا واجتماعيا..
وثانيها : اختبار القدرات الذهنية والعصبية..
وثالثها: اختبار المعلومات والمهارات السلوكية.
وعندما يكون العرض من الخريجين أضعاف العدد المطلوب منهم لشغل الوظائف التعليمية .. فان اختبار الكفاءات ينبغي أن يكون متطورا بكل المقاييس بحيث يضمن اصطفاء أفضل العناصر التي يمكن أن تلعب دورا فاعلا في تحسين وتطوير العملية التربوية.. فلقد استوقفني عند اطلاعي على آليات انتقاء المعلمين في بعض دول العالم .. تجربة جامعة بيركلي في ولاية كاليفورنيا بأمريكا .. من حيث أن البرنامج الذي تطبقه في انتقاء العاملين في القطاع التربوي لا بتم إلا وفق معايير محددة بناء على ثلاثة اختبارات للمتقدمين لوظائف التعليم:
01 اختبار على مستوى متطلبات الدولة بحيث يتم ذلك من خلال استمارة تحتوي على أسئلة تتمحور حول أهداف الولايات المتحدة الأمريكية وخصائصها.
02اختبار على مستوى ولاية كاليفورنيا وشروطها التي ينبغي توافرها في المعلم المرشح بما يحقق أهدافها.
03 اختبار على مستوى المنطقة التعليمية يتضمن معايير تربوية وشروطا فنية.
وبالإضافة إلى هذه الاختبارات الثلاثة ، فان المعلم المتقدم عليه أن يقابل ثلاث لجان لدراسة شخصيته على نفس المستويات الثلاثة، وإذا اجتاز كل ذلك بنجاح يتم تعيينه معلما ذكرا كان أو أنثى.. متخذين بذلك شعارا ويقول: )أعطني معلما أعطك أمة )
وحيث أن وزارة التربية والتعليم في الأردن تبذل قصارى جهدها في تطوير المناهج والمقررات .. فانه من الحقيقة بمكان أن نعترف بأن المعلم الكفء هو الذي يفعّل تلك المناهج وهو الذي بيده تحقيق أهدافها .. وهو الذي يجعلها قادرة على إفادة الوطن من خلال الأجيال التي تتلقى على يديه العلم والخلق الكريم والسلوك الحسن.. وهذا المعلم يجب أن يتم اختياره حسب معايير قياسية وحسب أهداف إستراتيجية.. فهو اخطر عنصر بشري في إطار القوى البشرية العاملة في أي مجتمع من كان.
وفقنا الله لما يحبه ويرضاه .. ووفق وزارتنا العتيدة في اختيار الكفاءات المتميزة .. ورعى الله الأردن وقيادة الفذة وحماهم من كل مكروه ..
مع تحياتي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@yahoo.com
الموقع الخاص بالكاتب : http://sites.google.com/site/faisaltayeh/home