في تلك الأيام، كان هناك جبل وعر له سفح فسيح، وبئر عميق مخيف، قضينا عنده أجمل أيام عمرنا من طفولة وعتبة صبا.
وثبنا مع كل مطلع للشمس مثل الخيول... ونمونا مثل أي سنديانة في عجلون.
لم نفكر للحظة، يا صديقي، بأن تلك الأيام ستذهب بلا عودة أو تطوى كما طوي معظمنا، فماء النهر الذي يمر بين أصابعنا لن يمر مرة أخرى بينها والى الأبد !
كنا نعتقد بأن الحياة هي ملك لنا وحدنا، نحياها كما تشتهي غرائزنا، ولم يخطر ببالنا أنها من الممكن أن تتوقف !
كنا نلهو، نتعارك، نشدو، نلعب ونضحك لساعات، ونحلم بما سوف نفعله من أمور كبيرة وعظيمة عندما نكبر.
ثم حلمنا عندما كبرنا قليلا بأننا سنعيش الحياة التي سنختارها ولن نخسر أبدا، وكنا على يقين من أننا سنقرر طريقنا.
سنحارب ولن نهزم !
ثم مرت السنون المسرعة ونحن في شغل دائم فخسرنا و ربحنا و خسرنا و هكذا دواليك.
لو تصادف أن رأيتك، يا صديقي، عند ذاك البئر، كنت سأبتسم وكأني أقول لك بأنها كانت تلك أيام، نعم كانت تلك أيام.
مــررت قبل قليل قرب ذاك الجبل وأنا متعب الخطو، وأحسست بأن لا شيء كما كان سوى أحلامي !
حتى صورتي في ماء البئر قد عكست ملامح شخص آخر، وصدى صوتي قد ضعف و تغير!
بقيت في قلبي، يا صديقي، نفس الأحلام ولكن.... من باب التحوط جيرتها لولدي الذي وعدني بأن يحققها لو لم يحققها نبضي !!!
shafiqtdweik@yahoo.com