يعتبر قانون الضمان الاجتماعي من التشريعات المتقدمة التي منحت المرأة كامل حقوقها وامتيازاتها أسوة بالمؤمن عليه الرجل بل منح المرأة حقوقا وامتيازات أفضل، وميّزها تمييزاً إيجابياً مراعاة لطبيعتها وظروفها الاجتماعية وتقديراً لدورها ومكانتها في المجتمع. وحرص القانون على شمول المرأة بمظلة الضمان الاجتماعي بما يضمن لها مستقبلاً آمناً ويسهم في تحقيق الاستقرار الوظيفي والنفسي لها ويعزز من مكانتها ويدفع باتجاه رفع كفاءتها وإنتاجيتها في المجتمع.
ومن هنا فإن من مسؤولية المرأة أن تسعى للتعرف على حقوقها وواجباتها في تشريعاتنا الوطنية، ومنها قانون الضمان الاجتماعي، ومع ذلك نجد أن هنالك فئات من النساء لا يعرفن أبسط حقوقهم وواجباتهم، على الرغم مما تبذله الكثير من الجهات ذات العلاقة والمنظمات النسائية من جهود توعوية كبيرة..
ومن أهم الدراسات التي قامت مؤسسة الضمان الاجتماعي بإجرائها حول المرأة، دراسة تحليلية لحالات قيام نسبة كبيرة من المشتركات بالضمان بصرف تعويض الدفعة الواحدة، حيث أظهرت أن حوالي 43% من إجمالي عدد المشتركات بالضمان قد حصلن على تعويض الدفعة الواحدة، مستفيدات مما أتاحه القانون للمرأة عندما تتزوج وتتفرغ لشؤون أسرتها، ولكن مثل هذه الحالات ينبغي أن تكون استثناءاً فقط وليس قاعدة، لأن الهدف من الاشتراك في الضمان هو توفير الحماية للإنسان، والحماية الدائمة تحديداً، ولا يمكن بحال أن تتأتى الحماية عندما تلجأ المرأة لصرف التعويض عن فترة خدمتها وعدم الانتظار إلى حين استكمال مدة الاشتراك اللازمة لاستحقاق الراتب التقاعدي سواء قلّ هذا الراتب أو كثر، فقليل دائم خير من كثير منقطع كما يُقال.
الكثير من السيدات اللواتي لجأن إلى خيار الدفعة الواحدة، ثم عُدْن إلى سوق العمل من جديد واشتركن ثانية بالضمان، شعرن بندم بالغ على إضاعة عدد من سنوات الاشتراك التي تقاضين عنها تعويض الدفعة الواحدة، ولم تعد تلك السنوات محسوبة كاشتراكات في الضمان الاجتماعي، مما اضطر بعضهن إلى اللجوء لإعادة مبلغ التعويض وفوائده القانونية لمؤسسة الضمان من أجل أن يعاد احتساب المدة السابقة لهن كاشتراكات مما يثقل كاهلن بذلك.
إن حصول هذه النسبة الكبيرة من المؤمن عليهن على تعويض الدفعة الواحدة وعدم الاستمرار في العمل إلى حين استحقاق الراتب التقاعدي، يؤشر إلى ضعف مستوى الوعي وربما عدم اهتمام فئة واسعة من النساء بأهمية الاشتراك بالضمان الاجتماعي كنظام تأميني حمائي يوفر الحماية المناسبة ويراعي اعتبارات الكفاية الاجتماعية للإنسان طوال مدة اشتراكه وعند تأهله لاستحقاق الراتب التقاعدي أيضاً..
يجب أن تعلم النساء أن الضمان حماية لهن، حاضراً ومستقبلاً، وأن مؤسسة الضمان عبر قانون الضمان الاجتماعي الجديد باتت تتجاوز حدود المرأة العاملة في سوق العمل إلى المرأة العاملة في بيتها أو لحسابها الخاص وكذلك لصاحبات الأعمال وربات المنازل مما يحتم على كل سيدة مشتركة في الضمان من خلال جهات العمل المختلفة إمعان النظر قبل أن تقرر إنهاء اشتراكها حتى لو انتهت خدماتها في هذه المنشأة أو تلك، لأن الخيارات أمامها كثيرة لاستئناف اشتراكها في الضمان، وإكمال الحد الأدنى من الاشتراكات المطلوبة لاستحقاقها راتباً تقاعدياً|، خصوصاً وأن دراسات المؤسسة أكدت أيضاً دور الدخل التقاعدي للمرأة في الحد من الفقر وتخفيض نسبته في المجتمع بما لا يقل عن 6%، إضافة إلى مساهمة دخل المرأة من عملها أو راتبها التقاعدي في رفع المتوسط السنوي لنصيب الفرد بنسبة تصل إلى 16%.