.. جال في خاطري عناوين كثيرة لتناول موضوع قيام امرأة من بلادي بغطاء جسدها بأوراق الخس على مرأى من الناس وفي شارع تجاري كبير للمطالبة بالابتعاد عن تناول الأطعمة الحيوانية واللجوء إلى أطعمة النبات لتحقيق أهداف حماية الحيوان والبيئة والصحة !
المرأة التي تحررت من قيود وثقافة وقيم المجتمع لم تختار المجتمع المناسب لتحقيق تلك الأهداف ولم تختار الأداة المناسبة لإيصال الرسالة فاختارت جسدها شبه العاري لتنفيذ الرؤية ! ولم يكن الزمان ولا المكان مناسبين .
فماذا حدث !
ما حدث ينطوي في إطار حالة التيه والضياع التي تعيشها بعض النساء في بلادنا واعتبار أن حقوقها وحريتها متاحة لبلوغ أبواب السماء دون شرط أو قيد ، فكانت بدايات الأمر هي دعوات التحرر ورفع الظلم المشكوك بنواياها وأهدافها ، ومن ثم تبعها مؤتمرات بكين والدانمرك ولجان الأمم المتحدة للمرأة والمنظمات الدولية التي أخرجتها من عرينها حيت كانت تتوفر لها الرعاية والحماية والكرامة ، وباتت خارج العرين بعد أن أقنعوها بالخروج أو التحرر طريدة يرغب الجميع بنهشها جسديا واقتصاديا وإعلاميا ، حولوها إلى سلعة وأداة أو ماكينة تدر مالا بفعل تطور رأس المال وقوانين الحرية التي رافقت التطور ، فخرجت ليس بعقلها وفكرها وقدرتها التي لا يمكن الإقلال منها بل بجسدها المرغوب والمطلوب لإكمال ديكور النظام الرأسمالي واقتصاد السوق ، فغدت مسوقة وعارضة للسلع التجارية على مختلف أنواعها حتى أحذية الرجال منها وفي محطات غسيل السيارات حيث تجدها عارية إلا من خيوط لجذب أصحاب السيارات !! ولم تكن الدعوات الحالية وقرارات منع الحجاب والنقاب في العالم الغربي إلا حربا شرسة تطال المرأة وتمنع خيارها الذي اختارته بمحض إرادتها وتلبية لدعوات ربها إلا شكلا من أشكال الدفاع عن مكتسبات النهوض والتطور الصناعي الذي قد يحرمهم من استخدام جسد المرأة كأداة إعلامية وتسويقية مرغوبة وجاذبة لمنتجاتهم .
أزال الغرب عن كاهل الرجل حماية وصون ورعاية ألام والبنت والزوجة واقر قانون الحرية للمرأة ما بعد سن السابعة عشر حيث لا سائل ولا مسئول عن أي تصرف ، وهي كما يؤكد علماء النفس لديهم أحوج ما تكون فيه البنات للرعاية والتوجيه حيث تتداخل مراحل الانتقال من الطفولة المتأخرة المفعمة بالرغبات والتجريب الى مرحلة المراهقة ذات الاحتياجات الجسدية والنفسية المختلفة ، فحصل ما حصل في ديارهم التي تحرم على الأب منع ابنته من الولوج مع صديقها إلى غرفتها دون ان يكون هناك أي رابط او صلة شرعية لتشريع تلك الخلوات !
حالة التيه والضياع التي تعيشها بعض النساء في بلادي مرده إلى الآلة الإعلامية الضخمة التي لاتهتم أصلا بكرامتها وحياتها بقدر ما يهمها استغلال المرأة لصالح الآلة الصناعية ومظاهر المجتمع الصناعي الذي لا يرتقي الى الكمال وحسب رأي الكاتب النمساوي اينرهينسن الذي قال يوما ان جسد المرأة ضروري جدا لاستكمال الحفل في مجتمعنا !! وكان يمكن للنساء ان يحققن مطالبهن ضمن الإطار الثقافي والقيمّي لمجتمع أردني محافظ يشكل فيه المسلمون والمسيحيون الرافضون الساخطون على مثل تلك السلوكيات أكثر من 99 % من السكان . فكانت الفكرة غير مناسبة في ضل مجتمعنا المحافظ .
لم يكن تجمع الناس حول المرأة إلا رغبة بمشاهدة السيرك الذي باتت تشكل فيه بعض النساء اللاعب الوحيد بالحركات البهلوانية التي تثير إعجاب الناس ولم يكن التجمهر تأييدا ودعما للفكرة أساسا ، فكان موقف محافظ العاصمة ورجال الأمن وقف تلك المسرحية المخالفة لدين وقيم مجتمع يستمد تعاليمه من القرآن وألسنه ومنع اختراقه ـ وأتمنى لو يطلق القضاء النزيه والعادل حكما لا رحمة فيه على كل من يخترق ويهين تلك القيم الرفيعة لمجتمعنا ويخدش الحياء العام للناس ، لعل وعسى ان نعتبر ونعيد الوعي لمن غرته او غرتها قيم المجتمعات الغربية ، وسارت دون وعي خلف تلك الأضواء التي تسرقها الى عتمة غابات الوحوش والسحرة وأكلي لحوم البشر ! وعلى المرأة أينما كانت وفي أي مجتمع تعيش ان تتنبه الى كل الدعوات المطالبة برفع الظلم عنها !! ومن هي الجهات التي تقف وراء تلك الدعوات ! في وقت عانت فيه نساء فلسطين وأفغانستان والعراق وكوريا وفيتنام وكل مناطق الاحتلال الغربي في العالم من بشاعة و ظلم وجور جند وسياسة الاحتلال التي تحمل فكرة اينرهينسن من أن الحفل لا يكتمل دون النساء !!!