زاد الاردن الاخباري -
أول أردنية تحصل على رتبة معلم خبير
سوسن مكحل
تقلدت مديرة مدرسة الجبيهة الثانوية الدكتورة مريم اللوزي مؤخرا رتبة خبير معلم أول في وزارة التربية والتعليم؛ لخبرتها الطويلة في العملية التربوية ولإنجازاتها الإدارية ولتواصلها الدائم مع مؤسسات المجتمع العام.
وفي هذا الإنجاز تكون اللوزي أول امرأة أردنية تحصل على هذه الرتبة التي يتطلب الحصول عليها شروطا منها خبرة عدة أعوام في مجال التربية والتعليم، إضافة إلى الخدمة في هذا المجال لأكثر من 15 عاما، وتأليف كتابين أو بحثين.
وانطلقت اللوزي في المشوار التعليمي في بداية الثمانينيات عندما عيّنت معلمة في مدرسة الجبيهة الثانوية للبنات، واستمرت في التدريس مدة 17 عاماً، بعد ذلك تحولت للعمل كمساعدة مدير للمدرسة.
وبعد مرور عام على خدمتها في هذا المجال عينت مديرة لمدارس الجبيهة الأساسية، وفي العام 2000، عادت لتصبح مديرة لمدرسة الجبيهة الثانوية للبنات.
وتنظر اللوزي، التي نالت قبل أعوام وسام الحسين للتميز والعطاء من جلالة الملك عبد الله الثاني، للعملية التربوية بمنظور شامل، مشيرة إلى أن رفع سوية التعليم تكون بوضع خطة استرتيجية بدءا من الفكرة ومن ثم الخطة التطويرية لها، وبعد ذلك تأتي مرحلة التطبيق على أرض الواقع، يليها الخطة الإجرائية التي تنفذ داخل المدرسة والصفوف لتحقيق الهدف المنشود.
ولا تتوقف الأمور عند تحقيق الأهداف، وفق قول اللوزي التي تذهب إلى أن العملية التعليمية يجب أن تمر بالتقويم، ومن ثم تطوير الرؤى مرة أخرى، مؤكدة أن دور الإدارة "لا يكون في الجلوس وراء المكتب، بالعمل الميداني وتلمس الاحتياجات عن قرب".
وتعد صاحبة الخبرة التربوية والتعليمية الطويلة أن الطاقة الإبداعية كامنة في الإنسان، يجب أن يفجرها الآخر للاستفادة منها، موضحة أن المدرسة لها الدور الأكبر في هذا المجال من حيث مساعدة الطلبة والدخول لمشكلاتهم الخاصة، ومحاولة إيجاد الحلول لها بالتعاون مع أولياء الأمور للعمل على رفع سوية الطالب.
وبخصوص التأثيرات التي تحيط بالطالب وتؤثر في مستواه التعليمي، تعطي اللوزي الحاصلة على شهادة الدكتوراه في مجال الكتابة الإبداعية في العام 2004 المدرسة والبيئة المرافقة للطالب نسبة تأثير تصل إلى 70%، في حين أن نسبة تأثير أولياء الأمور تقدر بـ 25% - 30%، مشيرة إلى نسبة الاهتمام هذه، ستعمل على رفع مستوى الطالب في حال توفرت له.
ومراقبة الأهل للطالب في المرحلة التعليمية، من وجهة نظر اللوزي، مهمة لتوجيه سلوكهم نحو الأفضل؛ نظراً للأجواء المغرية التي يقع الطالب تحت ضغوطاتها خارج أسوار المدرسة.
وترى أن التميز في المجال التعليمي وإيجاد جيل من المبدعين لن يتحقق إلا بضبط العملية التربوية، وعدم الانحراف عن الهدف والسير في الاتجاه الصحيح من دون عودة أو التفاف.
اللوزي التي حاولت أكثر من مرة أن تحيل نفسها على التقاعد، إلا أن إصرار أهالي منطقة الجبيهة والطالبات منعها من القرار، تبيح الدروس الخصوصية للطلبة في المعاهد وغيرها، إذا كان تردي تحصيله ناتجا عن "تقصير من أداء المدرسة "، وترفضها إذا كانت "المدرسة ذات مستوى تعليمي مرتفع، وتؤدي دورها على أكمل وجه".
وتنظر اللوزي إلى مستقبل التعليم في الأردن بعين المتفائل في حال تم التركيز على الإدارة في مدارس المملكة جميعها، وبانتماء الإدارة إلى مكانها ومهنتها والمساهمة بشكل فاعل في بناء المجتمع.
وتعتقد أن العقل هو الاستثمار الوحيد الذي يجب التركيز عليه وتفهم ما يحتاجه، وبذل أقصى الجهود في سبيل الوصول به إلى بر الأمان.
وتعود اللوزي في ذاكرتها إلى بداياتها في السبعينيات، عندما عملت كمدرّسة في مدرسة الجبيهة الثانوية للبنات، والتي كانت تضم آنذاك غرفتين فقط، وتنظر بفرح غامر إلى واقع المدرسة الآن، التي تحوّلت إلى صرح يفخر بإنجازات طالباته وإدارته التعليمية.
ومن أهم الصعوبات التي واجهتها اللوزي عند تسلمها إدارة المدرسة هو تسيّب المعلمين، الذي عالجته من خلال وضع خطة استمرت أربعة أعوام، فعادت الأمور إلى ما يجب أن تكون عليه كما تقول.
وتضيف أن المشكلة الأخرى التي واجهتها، وكانت بحاجة ملحة إلى الوقوف عليها وعلاجها، هي التركيز على تواجد "معلم المجال"، من دون التركيز على المستوى الأكاديمي، إضافة إلى "الواسطات" التي أسهمت في تدني المستوى التعليمي.
ولم تقف جهود اللوزي التي تؤمن برسالة التعليم ودورها في خلق حضارة عند حدود التميز الأكاديمي؛ فطالباتها متميزات على المستوى الرياضي والنشاطات اللامنهجية والعمل التطوعي، الذي تؤكد أنه أهم عمل في حياة الإنسان كونه يولد الانتماء الحقيقي للأوطان.
وتعقد اللوزي عدة ندوات ومحاضرات بهدف مد جسور التواصل مع المجتمع المدني، وتهتم كذلك بفئة النساء غير العاملات والمنتجات في منازلهن، وتقيم لهن معارض وتفتح لهن باب التسويق؛ لمساعدتهن على إثبات أنفسهن.
وتبين أن المدرسة أقامت لسيدات المجتمع المحلي محاضرات حول طرق الكشف المبكر لسرطان الثدي، التي أثمرت عن اكتشاف حالتين مبكرتين وتم التنسيق مع الجهات المختصة لمعالجتهن.
وبعد أن قطعت مسافات طويلة في تطوير مهارات الطلبة، تتمنى اللوزي بأن يكمل المسيرة بعدها من يؤمن بالتعليم ورسالته ودوره في خلق الحضارة، ومن يعشق هذه المهنة ولا يعتبرها مجرد مصدر دخل فقط.
وستواصل اللوزي، على حد تعبيرها، بعد أن تنهي خدماتها في وزارة التربية كمديرة متميزة مسيرتها في العطاء والانغماس في قضايا المجتمع المدني والتطوع في مجال تدريب الإداريين في مختلف المدارس، مؤكدة أن "النجاح هو الاستمرار في الخدمة والانتماء الوطني الكبير".
الغد