بقلم: شفيق الدويك
تتردد عبارة " إحنا مش زي إلناس" أو " إحنا مش زي الأوادم" في كثير من المناسبات و الظروف بشقيها الإيجابي و السلبي على حد سواء، وينجم بعد ذلك تلاسنٌ بل صراعات مفزعة داخل الأسر تشبه في حدّتها أو شكلها صراعا من أجل بقاء أو إستمرار شيئ ما جدّ عزيز!.
يدعو ويشدّد عضوٌ أو أكثر من أعضاء الأسرة على البقية تقليد الآخرين في الأمور الحياتية أو السلوكية إما المحمودة مثل الإحترام ، حسن إستغلال الوقت، التخطيط ، التروي في إتخاذ القرارات أي عدم التسرع في ذلك، القيام بالواجبات الإجتماعية المعروفة آثارها الإيجابية، النظافة، الترتيب، الهدوء و إلإتزان، حسن الإدخار وعدم التبذير، التركيز على الجوهر لا المظهر، جودة الإنجاز ... إلخ، و إما السلبية حيث الحث، الدفاع و الدعوة لتقليد و محاكاة الآخرين في الأمور الحياتية أو السلوكية (التي هي غير محمودة أو التي تتناقض مع أو تخالف عاداتنا و قيمنا المحافِظة) مثل: تغيير طريقة الحديث أو الحوار و التخاطب، حيث يطالَب بأن تمتزج معه بضع كلمات أجنبية يستدل منها على وجود مكانة رفيعة للمتحدث مع إدارة طبقات الصوت بصورة ملفتة، إختيار نوع أو شكل أو تصميم و ألوان اللباس المعتمد و بحيث تكون هناك دعوة للسماح لرجل مسن أن يلبس ألوانا زاهية وشورتاً قصيرا و شيئاً في القدم بحجم الرأس لكنه ماركة/علامة مشهورة !، التدخل في موضوع الأكل بحيث تلغى الأكلات و الأطباق التقليدية اللذيذة و المفيدة، مباركة التوسع في الصرف و خارج حدود الإمكانيات، و الإصرار على نمط جديد لتمضية وقت الفراغ، مع إهمال الواجبات الإجتماعية، لعدم جدواها بالنسبة إليهم و لأنها مكلفة و لا تدر دخلا ! و تبرير عدم إحترام الكبير إلاّ بحدود، بحجة أن لكل إنسان وجهة نظر، و ينبغي إحترام الجميع للرأي الآخر حتى لو صدر عن مراهق لا يفقه في أمور الدنيا شيئاً ! ... إلخ.
عندما يعارض الأهل عادات أو افعال سيئة (غريبة مستوردة) يصر عليها و يمارسها الأبناء، يدافع الأبناء عن وجهة نظرهم بأن الأهل "مش زي إلناس أو الأوادم إل عايشـــة !!!"، أي ليس مثل الأسر الأخرى التي قد اتخذها الأبناء معيارا إستناديا و مصدرا للإلهام المؤدي الى السعادة الغامرة و الأناقة الإستثنائية، و بأنهم غير مواكبين للتطور و التقدم الذي حدث\يحدث في العالم خصوصا ذاك الذي يميل في أحيان كثيرة إلى تأصيل النزعة الفردية ، ويصرّ الأبناء، بتعنّت شديد، على وجهة نظرهم (قناعاتهم)، و في حالات كثيرة ،يرضخ الأهل لتجنب الفضيحة التي قد تتسبب من مخرجات مراهق/مراهقة (حُـــر/حُــرة !)، و هنا تكمن المشكلة، حيث تقوم أسر أخرى قريبة للأسرة التي رضخت بالرضوخ، لينسحب الأمر على مجتمع بأسره.
السؤال هو : لماذا لا يقتدي الناس بنا، أي بعاداتنا و تقاليدنا و قيمنا المحافظة؟
عندما لا تُفعّل أداة الثواب و العقاب و الحوار داخل الأسر المحافظة الرائعة، لا يمكن للأبناء إلإقتداء بنا، و سنظل نستقبل القرار و لا نصنعه أو نشارك في صنعه و نصبح عند نقطة معينة مثار إستخفاف و ضحك كثيرين و من بينهم أنفسنـــا shafiqtdweik@yahoo.com