زاد الاردن الاخباري -
ستراقب وسائل الاعلام المشاكسة والمعارضة في الاردن بصورة حصرية وزير العمل الجديد سمير مراد، ليس بصفته ابرز القادمين بموجب التعديل الوزاري الاخير من القطاع الخاص ومن اسرة استثمارات دبي في عمان، ولكن لانه سيجلس بحكم وظيفته الطازجة على كرسي الرئاسة في مجلس ادارة اهم واغنى مؤسسة عامة في البلاد وهي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
وكان يمكن لأعين الرقابة على الوزير مراد ان تتراخى قليلا لو اصبح وزيرا للعمل بدون ان تسبق ذلك خطوة اخرى مثيرة تمثلت في تنحية المدير العام السابق لمؤسسة الضمان الدكتور عمر الرزاز الذي رفض عدة مرات المناصب الوزارية وركز طوال عدة سنين على مسألة واحدة وحصرية هي الحفاظ على اموال الضمان التي هي بالتالي اموال العمال والموظفين اي عمال الشعب.
وبسبب القرار المفاجىء بانهاء تعيين الرزاز واحلال مستشار رئيس الوزراء معن النسور مكانه حصل التغيير في كرسي وزارة العمل تحديداعلى جرعة اضافية من الجدل لم تكن معتادة، فالوزير الجديد احد رموز البزنس والانفتاح الاقتصادي ورجل اعمال فاعل في السوق قبل الوزارة، والوزير القديم ابراهيم العموش الذي ينتمي لواحدة من اهم العشائر في البلاد ترك العمل واصبح وزيرا لشؤون رئاسة الحكومة في مقرها.
يعني ذلك ان بوصلة التعديل ابعدت عن وزارة العمل التي ستتركز الانظار حولها لاحقا وزيرا محافظا وتقدمت بوزير ليبرالي ينتمي للقطاع الخاص، والاهم قبل ذلك تقرر ابعاد شخص بمواصفات الرزاز وهو خبير دولي في القطاع يمكن القول انه الوحيد في طبقة كبار الموظفين الذي حصل على وظيفته بمسابقة معقدة قبل عدة سنوات اشرفت عليها لجنة وزارية ترأسها الدكتور مروان المعشر في عهد حكومة معروف البخيت.
الرزاز جاء اصلا للموقع من خارج العلبة البيروقراطية المعتادة بصفته مثقفا يساريا وخبيرا دوليا حتى يحافظ على اموال الضمان الاجتماعي من تداعيات الازمات الاقتصادية وحتى يعيد هيكلة جهاز المؤسسة ضمن خطة اكتوارية تبقي المال متدفقا في هذه المؤسسة الخطيرة المعنية بتأمينات صغار الكسبة والموظفين والعمال.
الجميع يعرف ان الرجل قام بمهمته بكفاءة لكنه لم يكملها بعد وابعاده عن وظيفته يؤشر على وجود "خلاف اداري" بينه وبين الحكومة بدأت بعض الاوساط الاعلامية تتحدث عنه وهو خلاف لن يبتعد عن جزئية واحدة وهي سياسات الاستثمار لاموال الضمان الاجتماعي، فالحكومات منذ عقود تلجأ لمساندة مشاريعها المتعثرة عبر اللجوء لصناديق الضمان الاجتماعي وخزينة اي حكومة عندما تتوعك يكون الحل باللجوء للمؤسسة التي تملك ملاءة مالية كبيرة بحكم حجم الايداعات.
وحتى الآن لم تقل الحكومة بوضوح لماذا ابعد الرزاز عن موقعه لكن الانطباع السياسي ان الرجل قاوم محاولات حكومية لسحب المؤسسة لاستثمارات غير مدروسة قد يكون من بينها بعض العقارات والاراضي التي تقرر بيعها خلف الكواليس لشركات استثمارية في موضوع اثار جدلا واسعا في اعوام سابقة.
وعلى هذه الاساس يمكن من الان توقع اثارة اعلامية وسياسية في الايام المقبلة عنوانها اموال الضمان الاجتماعي ووزير العمل الجديد حتى في حالة "تخدير" او احتواء المساحات المتوترة الاخرى مثل المتقاعدين والمعلمين وعمال المياومة.
لكن وخلافا للحسابات بدأت الاثارة مبكرا على جبهة المعلمين بعدما تمت الاطاحة بوزير التربية والتعليم السابق ابراهيم بدران واحضار المعلم السابق والاديب والشاعر والخطيب خالد الكركي في موقعه، فقد استبقت هيئات المعلمين في مدينة الكرك التي ينتمي لها الوزير الجديد برسالة فصيحة للوزير الجديد صيغت من قبل استاذ لغة عربية مفوه ونشط نقابي ايضا.
وفي هذه الرسالة المفعمة بالفصاحة اللغوية تحدثت لجان المعلمين مع الكركي بالشعر والنص الادبي، وطلبت منه سبع امنيات مقابل سبع وصايا شهيرة خطب بها الرجل بالطلبة عندما كان رئيسا للجامعة الاردنية ،وبهذه الطريقة استبق المعلمون الاحداث وخاطبوا الوزير الجديد بنفس اللغة التي يجيدها ويفهمها متمسكين بثوابتهم المعلنة ومن بينها تأسيس نقابة واعادة المعلمين المفصولين واجراء عملية جراحية لاحشاء الوزارة.
هذه الرسالة رحبت بالكركي لكنها قالت له بوضوح بأن مواطنيه من معلمي ابناء محافظة الكرك جنوبي البلاد "لن يجاملوه" على حساب الاسباب التي دعت هيئات التعليم للتحرك اصلا.
بسام البدارين / القدس العربي