زاد الاردن الاخباري -
"لم يَدر بخلد أم نايف التي ودعت طفلها أول من أمس بعد أن ألبسته زي المدرسة متأنقاً أن يعود لها مرتدياً الكفن".
فنايف الطالب، ذو الـ10 أعوام، لم يعد إلى منزله ظهر ذلك اليوم ليخبر أمه عما "أعطته معلماته من دروس وحصص وما فعله مع زملائه في باحة المدرسة".
وبدأت الحكاية المأساوية يوم الخميس الماضي، عندما دق جرس "الفرصة في مدرسة القمر الاسلامي الخاصة في منطقة جبل الزهور".. وفيما كان نايف يلهو بباحة المدرسة ببراءة الأطفال مع أقرانه وهو يتناول السندويشة التي أعدتها له أمه، أقدمت جرافة على هدم الجدار، "في غفلة من سائقها أن هناك أطفالا خلف ذلك الجدار، ليسقط الركام على رأس الطفل ويتوفى على الفور لتنتهي حكاية نايف في مقبرة سحاب".
وكان الطالب نايف محمد البريم (10 سنوات) توفي، وأصيب معه 13 آخرون من زملائه صباح الخميس، إثر انهيار جدار داخل مدرستهم في منطقة جبل الزهور شرق العاصمة عمان، وفقا لمصادر مطلعة وطبية.
وقالت المصادر إن جرافة "كانت تشرع بهدم سور المدرسة بقصد أعمال التوسعة دون أن يعرف سائقها أن هناك طلابا يلهون خلفه، قبل أن ينهار عليهم".
ونقل المصابون بواسطة كوادر دفاع مدني شرق عمان إلى مستشفى البشير الحكومي ومستشفى الحمايدة وحالة المصابين العامة متوسطة، بحسب المصدر الطبي.
وألقى ماجد البريم عم الطفل (نايف) الذي تسلم جثة الطفل من الطب الشرعي بمستشفى البشير، بـ"اللوم على إدارة المدرسة" ليقول، "إن تقصير وإهمال إدارة المدرسة هو من وضع حدا لحياة الطفل"، مشيراً الى أن المدرسة كانت تشرع بأعمال توسعة وأثناءها "أقدمت جرافة بالرجوع على سور المدرسة ليسقط الجدار الإسمنتي على رؤوس الطلاب".
وأبدى البريم امتعاضه الشديد من تنفيذ أعمال التوسعة أثناء الدوام الرسمي للطلاب، متسائلاً "ألا يستطيعون توسعة المدرسة خلال العطل الرسمية؟".
وقال العم نيابةً عن والد الطفل الذي لم يستطع الحديث في قضية ابنه وهو في بيت العزاء، "إن نايف المتفوق في دراسته كان منذ نعومة أظفاره يخدم عائلته ويجلب لهم الاحتياجات اليومية من البقالة"، مشيراً الى أنه عاد مع والده من أداء فريضة العمرة قبل نحو ثلاثة أشهر تلبيةً لرغبة طفله.
وأكد عم نايف، أنه منذ دفن الطفل عصر الخميس، عدم تلقيهم اتصالا من أي جهة سواء من إدارة المدرسة أو من ذوي سائق الجرافة".
وكشف، عن نية العائلة "رفع دعوى قضائية ضد المتعهد والمكتب الإنشائي المعني بقيام أعمال الصيانة للمدرسة فور الانتهاء من واجب العزاء".
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، إنه "شكل لجنة للتحقيق في حادث انهيار السور مدرسة القمر الإسلامي الخاصة بمنطقة جبل الزهور في عمان".
وأضاف الذنيبات ان "نتائج التحقيق التي صدرت يوم الحادث ما زالت أولية، وفيها جزء من المعلومات غير مكتمل، وستعمل اللجنة المكونة من مديري إدارة التعليم الخاص والشؤون القانونية والأبنية في الوزارة على استكماله"، متوقعا أن يكون التقرير النهائي للجنة جاهزا خلال اليومين المقبلين.
وكان الذنيبات طلب من اللجنة "التأكد من الإجراءات الاحترازية والاحتياطات التي اتخذتها إدارة المدرسة قبل البدء بتلك الأعمال للحفاظ على سلامة طلبة المدرسة والعاملين فيها أثناء العمل، وتزويده بتقرير شامل عن الحادث".
بدوره، قال والد الطالب نضال عمر، إن ابنه وائل (11 عاما) يرقد الآن في مستشفى الحمايدة نتيجة لانهيار السور الإسمنتي للمدرسة عليه وعلى زملائه، لافتا إلى أن الوضع الصحي لابنه جيد، ولكنه لا يستطيع المشي على قدميه لغاية هذه اللحظة.
وحمل عمر مسؤولية ما حدث لابنه "لإدارة المدرسة كونها سمحت بوجود أعمال إنشائية خلال أوقات الدوام المدرسي".
من جهته، قال عم الطالب عبدالرحمن أبو عواد (11 عاما)، إن عبدالرحمن كان يستظل هو ورفاقه بسور المدرسة في الوقت الذي كانت الجرافة تعمل في قطعة الأرض المحاذية التي تم شراؤها لدمجها مع المدرسة.
وأضاف، أن الجرافة كانت تزيل الطمم وتضعه بقرب السور الأمر الذي أدى الى اندفاع السور وسقوطه على الطلبة.
وأشار ابو عواد الى ان الطالب ما يزال يرقد في العناية المركزة في مستشفى الحمايدة، بعد أن أجريت له عملية استمرت نحو أربع ساعات أول من أمس "لإزالة الدم الناتج عن نزيف في الدماغ، بالإضافة الى وجود كسرين عرضي ومقصي في الجمجمة".
وبين أبو عواد أن الوضع الصحي للطالب ما يزال صعبا، ويجب أن تمر عليه 48 ساعة لتجاوز مرحلة الخطر.
وكشف مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم، أن نتائج التحقيق أظهرت وجود إهمال وتقصير واضح من قبل ادارة المدرسة، كونها سمحت للجرافة بالعمل أثناء الدوام المدرسي، فضلا عن عدم اتخاذها الاحتياطات اللازمة للحفاظ على سلامة الطلبة أثناء العمل.
وقال المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه إن "الأصل في العمل أن يكون بعد الدوام الرسمي للطلبة والمعلمين، أو في أيام العطل الرسمية، ولهذا هناك مسؤولية كبيرة على المدرسة، لافتا إلى أن التقرير الشامل النهائي سيصدر من اللجنة خلال اليومين المقبلين.
الغد