...هكذا نادى ابن الجيران عبر جهاز \"الانتركم\" عندما ردت عليه والدتي و طلب مساعدة إخوتي لهم فهناك حريق شب في البيت المجاور لنا..
ولا يوجد أحد يساعدهم فما زال أكثر رجال الحارة حول الجامع يتبادلون أطراف الحديث كما يحدث في كل جمعة...
للأسف لم يكن هناك أحد في البيت سوى أنا و أمي و أختاي، هلعنا نتراكض لنعلم ما الذي حصل..
الجارات يبكين و يصرخن وإحداهن تندب حظها و تصرخ، و عندما سألتها أمي عن سبب ذلك أخبرتها بأن حريقا شب في منزلها و هي تصلي و أولادها لا يزالون في البيت حسب علمها و لا يوجد أحد يساعدهم..
لم أرى سوى الأطفال وال\" teenagers\" المراهقين كما ندعوهم، و الذين ننادي دائما بأنهم فاشلون و كان منهم أخي الأصغر و الذي حاول أنقاذ الأطفال من داخل البيت..
أخذت هاتفي و اتصلت بالدفاع المدني، و هرعنا إلى أن يصلوا لننقل الماء..
وصل بعض رجال الحارة أثناء ذلك ومددنا خرطوم المياه من بيتنا إلى بيتهم و أخذنا الأطفال لبيتنا لنهدأ من روعهم و أثناء ذلك كنت قد اتصلت بالدفاع المدني أكثر من ست مرات لأستعجلهم، مضى ما يقارب الخمس و عشرون دقيقة حتى وصلوا و بدأوا بإخماد الحرائق.. نقلت سيارة الإسعاف أخي الأصغر الذي أصيب بضيق تنفس و انخفاض بمستوى الضغط جراء دخان الحريق و هو يحاول إطفاء النيران ريثما وصلت سيارات الدفاع المدني المتأخرة و رافقه أبي ليبقى معه هناك، و بعد أن صعدوا السيارة سأل سائق السيارة سؤالاً غريبا جداً و هو: من أين الطريق المؤدي إلى المستشفى؟....!!!
سائق سيارة إسعاف و لا يعرف منافذ الطريق...!!
أما النهفة بأن اسطوانة الأكسجين التي في سيارة الإسعاف قد نفدت عندما طلب أخي تزويد كمية الأكسجين المتدفقة إليه بعد أن قطعوا مسافة لم تتجاوز الكيلو ونصف الكيلو متر !!
سيارة إسعاف و ينفد الأكسجين منها..!!
عجباً..!!
ولم تصل متأخرة علينا نحن فقط، فمع وصول أخي إلى مستشفى الزرقاء الحكومي و المعروف باسم \"المسلخ\" وصلت حالة طوارئ لشاب أصيب بالغرق و توفي بعد أن وصل بقليل جراء تأخر سيارات الدفاع المدني عن تلك الحالة أيضا..!!!
حمدا لله لم يصب أحد بأي أذى..
لكني كنت أتمنى لو لم يتجمهر الناس حولنا و نحن نحاول إطفاء الحريق..
كنت أتمنى لو لم يتفلسف بعض المتحذلقين على من أطفئوا الحريق بأن لا علاقة لهم بذلك..
عجباً أليس المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، لكن \"إن خليت خربت\"
كنت أتمنى لو تحرك الشباب الذين كانوا يكتفون بان يقفوا و يتفرجوا و يدخنوا ليساعدوا فبنيتهم أفضل..
كنت أتمنى بأن تصل سيارات الدفاع المدني باكراً علها أنقذت شيئاً من أثاث البيت الذي كان أصحابه سيرحلون منه مع مساء نفس اليوم...
لكن كما نقول دائماً :\" بالمال و لا بالعيال\"
كنت أتمنى لو أنهم يتفقدوا سيارة الإسعاف قبل الانطلاق لإسعاف أي حالة، فربما كانت حالة تحتاج إلى الأكسجين و انقطع عنها فما الذي سيحصل؟؟؟
كنت أتمنى بأن تزيد سيارات الدفاع المدني من سرعتها قليلاً، أعلم بأننا ننادي دائماً بتخفيف السرعة نظرا لتكرر مسلسل الحوادث ، لكن ليس في مثل هذه الحالات..!!
أرجوكم لا تتأخروا عن غيرنا...
لكني كنت أتمنى لو لم يحدث الحريق أصلاً...
مريم القرعان
maryamalquraan@yahoo.com