ليس هناك ما هو أجمل من الجهود التي تُبذل لتعزيز حماية المواطن اجتماعياً واقتصادياً، وهي مسؤولية الدول لرعاية مواطنيها مقرونة بقدر عالِ من التعاون الفعّال بين القطاعات المختلفة في المجتمع، بدافع الحرص على توفير سبل الحياة الكريمة للمواطن، فالدول التي تفعل ذلك إنما تدلل على قدرة نظامها على بلورة اتجاهات تحفّز على تعميق الانتماء للدولة، وتشكيل "مصدّات" تقي من أي ضربات اقتصادية مفاجئة..!! الضمان الاجتماعي حلقة مهمة ورئيسة في سلسلة الأمن الاجتماعي والاقتصادي الوطني في مختلف دول العالم، ليس فقط لأنه أصبح اليوم مطلباً ملحّاً لتوفير الحمايات المطلوبة للعاملين وأفراد أسرهم، سواء أثناء فترات عملهم أو بعدها، وإنما أيضاً وهو الأهم بما يلعبه من دور حيوي في تكريس العدالة والتكافل الاجتماعي بين أطراف مختلفة في المجتمع، ناهيك عن الدور التنموي الاقتصادي للضمان كلاعب ومستثمر وطني حصيف يتطلع أولاً وقبل أي شيء إلى الصالح العام للمجتمع والمواطن.. وإذا كانت التغطية الشمولية لنظم الضمان الاجتماعي تشكّل أحد أهم التحديات في معظم دول العالم، كما تقول التقارير الصادرة عن الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي التي تضم أكثر من 400 مؤسسة وهيئة ضمان اجتماعي من (150) دولة حول العالم، فإن الأمر يتعاظم في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية، وتغدو الحاجة إلى مقابلة هذا التحدي بمزيد من العزم والإرادة أمراً محتوماً وذا أولوية، وهذا ما بدأته المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، ووضعته على قائمة أولوياتها، إيماناً بحق كل مواطن في التأمين الاجتماعي كضمانة لحاضره ومستقبله، ومن هنا كانت استراتيجية المؤسسة لتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية في المجتمع الأردني عبر عدة محاور: محور التوسع في الشمولية الإلزامية للعاملين في المنشآت الصغيرة وبشكل تدريجي من الناحية الجغرافية، وقد بدأ هذا المشروع في العقبة الخاصة ولواء قصبة إربد، والنتائج المتحققة حتى تاريخه مبشّرة، ومحور الانتقال إلى المغترب الأردني بدءاً من العاملين في دول الخليج العربية لتحفيزهم على الانتساب الاختياري للضمان، أسوة بالأردنيين العاملين داخل بلدهم، وهي حماية نعتقد أنها ضرورية، لأن التجارب علمتنا كم هو المغترب العائد إلى وطنه بعد رحلة طويلة شاقة أفنى خلالها سنوات زاهية من عمره، كم هو بحاجة إلى حماية حال عودته، والضمان الاجتماعي هو الأكثر قدرة على تأمين هذه الحماية.. فتشجيعنا للإخوة المواطنين المغتربين للمبادرة إلى الانتساب الاختياري يأتي من هذا الباب.. وهو حق من حقوقهم.. وعليهم أن يطرقوا باب الضمان، ليجدوا أن السبيل أمامهم مفتوحاً، وأنهم مرحب بهم داخل بيت الضمان الاجتماعي الذي هو بين الناس وكل المواطنين .. وفي المقابل فإن كل المواطنين العاملين داخل الوطن وغير المشمولين إلزامياً بمظلة الضمان من أصحاب عمل وعاملين لحسابهم الخاص، وكذا المنقطعين عن الضمان لخروجهم من أعمالهم لسبب أو لآخر، فإن الفرصة متاحة لهم للانضواء تحت المظلة عبر الانتساب الاختياري، خصوصاً وأن المؤسسة سهّلت كافة الإجراءات والشروط المتعلقة بهذا الانتساب، شعوراً بأهمية السعي لشمولية التغطية عبر التوسع الأفقي بالمظلة، للوصول إلى كافة شرائح المواطنين الذين ما يزالوا خارج مظلة الضمان.. ها هي المظلة تكبر شيئاً فشيئاً.. وها نحن في مؤسسة الضمان نرقبها سعداء، تدفعنا السعادة والقناعة إلى بذل المزيد من الجهد، لتحقيق الإنجاز الوطني الكبير الذي نتطلع إليه نحو مظلة حماية اجتماعية وارفة يتفيّأ ظلالها الأردنيون جميعاً.. وهو ما نُترجم فيه بصدق رؤى حصيفة لقائد فذِّ حصيف.