ممارسة الانتخابات في مجتمعاتنا تماثل عملية توزيع اقلام الرصاص على مجموعة من الأميين ، فنحن ما زلنا نقبع تحت ثقافة المطالبات وثقافة ردود الفعل وثقافة ( الجميع مقصر وأنا لست منهم ).
موسم الانتخابات يضم اطرافا عديدة كالحكومة والمرشحين والمناصرين والمتفرجين والمستفيدين كالخطاطين والمعلنين ، وكل ينظر لهذا الموسم بطريقة شخصية قاصرة ، فالحكومة تسعى لاقناع الجميع بأنها تطبق الديمقراطية في حين تخشى من سيطرة المعارضة ، والمرشح يسعى الوصول للبرلمان بكل ما يمكن دفعه من نقدية وعلاقات وهدايا لمجرد أنه يريد خدمة المجتمع بالرغم من أن خدمة المجتمع لا تتطلب وجود كرسي تحت القبة ، لا أدري أيحاول المرشح اقناعنا بذلك أم يحاول اقناع نفسه !!! ثم فئة المناصرين المتكسبين من موازنة الحملة الدعائية للمرشح والتي تبذل مجمهودا كبيرا لأقناعنا بأن مرشحها هو المهدي المنتظر ، وكأن المهدي حينما يظهر سيوزع عمولات ورواتب مجزية للأتباع ، وأجد نفسي وأنا أكتب هذا المقال من المتفرجين على هذا الموسم جالسا على كرسي مريح وأمام مسرحية مشوقة للغاية وبيدي علبة بشار وحينما يغلبني النعاس توقظني أصوات المسرح ومواقفه ، وأدعو الله بمباركة رزق الخطاطين والمعلنين في هذه الفترة .
مجتمعنا يريد ناخبا برلمانيا يوظف أبنائها وكأن المجلس النيابي عبارة عن شركة توظيف ، والغريب أن هذا ما يحدث فعلا ، فمصداقية النائب تقاس عند غالبية المجتمع عن قدرته بتلبية طلبات منطقته وأهمها التوظيف ، والخصوصات الجامعية ، والوساطة في حين أن شعار المرشح دائما ما ينادي بمحاربة المحسوبية .
وللعلم فإن دور النائب الرئيسي هو الدور الرقابي على الممارسات الحكومية ، ومن يفعل ذلك ينجح كنائب ويفشل كمرشح أوصله المجتمع لخدمتهم فقط
وحين تقاطع المعارضة الممثلة بالاخوان هذه الإنتخابات ، فقضية المشاركة أو المقاطعة لا تحتاج منا لمبررات ، والإخوان إن شاركوا فلهم مبرر مقنع ، وإن قاطعوا فلهم مبرر مقنع آخر ، غير أن الحكومة التي حلت مجلس النواب لعدم فعاليته كانت قد وعدت بإيجاد بيئة تسمح لإيصال منتخبين مؤثرين من خلال سن قوانين مناسبة ، وهذا ما لم يحدث بشهادة الجميع ، فقد تم حل المجلس الماضي لسبب ما زال موجود في المجلس القادم ، فلا شيء تغير من لحظة فرز الأصوات للحظة حل المجلس بما في ذلك ممارسات التزوير التي قيل عنها الكثير والكثير ، فما بال الحكومة تتفاجأ بقرار الاخوان بالمقاطعة
الانتخابات القادمة تستقطب فئة محددة تعمل للوصول للقبة غير أن الغالبية تجلس في البيت مستمتعة بالعطلة ومشاهدة الفضائيات ولكن الذي يحدث كل مرة أن الباب يطرق بقوة ويدخل شخصا يعز عليك وقد حضر سيارة مخصصة لك ولعائلتك ، ويمنعك الخجل أن ترفض دعوته فتمضي وتشارك بالإنتخابات رغما عنك للمرشح الذي بعث لك بالسيارة وبكيس السكر أو الرز ، والغريب ألا أحد يضمن أن نكتب اسمه داخل الورقة البيضاء ، وبالتالي فإن المشاركة بالانتخابات لا تتطلب حملة ترويجية بشوارع العاصمة إنما تتطلب أن تفتح الباب أو ترد على مكالمات الهاتف وسننتخب بسيف الحياء لا بسيف القرار.