زاد الاردن الاخباري -
تقف إسرائيل عائقا أمام تحقيق العديد من المشاريع الاقتصادية ذات الأهمية الكبرى التي يعول عليها المسؤولون لحل المشكلة الاقتصادية في ظل العجز المالي الذي تشهده المملكة.
وتلعب الدولة العبرية دورا في محاصرة طموحات الأردن الاقتصادية والضغط على أطراف دولية لوقف أية تسهيلات أو مساعدات للقيام بتلك المشاريع لمنع المملكة من تحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، كان آخرها مشروع المفاعل النووي السلمي الأردني، حيث استنفرت دولة الاحتلال دبلوماسيتها لإحباطه.
التخريب الاسرئيلي امتد أيضا ليشمل قطاع السياحة الأردني، لاسيما السياحة الدينية، إذ أبدت إسرائيل اعتراضا على اعتماد المغطس موقعا للحج المسيحي في منطقة الخرار شرقي نهر الاردن، حيث سعت الى إقناع مدير أوبيرا رومانا الأب شيريزة، وهي المؤسسة المعنية بالحج المسيحي في الفاتيكان، بثبوت المغطس في منطقتها غربي نهر الاردن.
ويبقى تعطيل مشروع ناقل البحرين الذي تعتبره الحكومة مشروعا استراتيجيا، مثالا يعكس أنانية اسرائيلية في تمرير رؤيتها لربط البحر الميت بالبحر المتوسط، في حين يريد الأردن ربط البحر الميت بالبحر الأحمر في مشروع مشترك بين المملكة والسلطة الفلسطينية واسرائيل.
البرنامج النووي الأردني
للأغراض السلمية
اتهامات الاردن لاسرائيل بتخريب مشروع المفاعل النووي السلمي كانت صريحة ومباشرة.
فاسرائيل تخشى من أن يتحول الأردن إلى دولة مستقلة اقتصاديا أكثر من خشيتها من إنتاج الطاقة النووية.
مسؤولون في الحكومة الأردنية أكدوا وجود عراقيل تضعها اسرائيل أمام هذا المشروع الاقتصادي الكبير الذي يعتبر حلا لكثير من المشاكل الاقتصادية في الاردن، إذ بين وزير الخارجية الأردني ناصر جودة مؤخرا أن إسرائيل تحاول تعطيل مناقشاتنا مع الدول الأخرى، مؤكدا أن ذلك لن يثنينا عن تنفيذ برنامجنا النووي للأغراض السلمية في موعده المحدد، على الرغم من العراقيل العديدة التي تضعها إسرائيل.
من جانبه، أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية الاسبق الدكتور محمد البطاينة على أن "اسرائيل تعمل جاهدة من أجل عرقلة وإلغاء مشروع المفاعل النووي السلمي"، مبينا وجود ضغوطات شديدة من قبل اسرائيل على الدول الأوروبية وكوريا الجنوبية لعدم بيع الأردن تكنولوجيا نووية.
وأوضح البطاينة أن "اسرائيل ترغب بأن تكون السيطرة لها، وأن تكون هي المالكة لمثل هذا المشروع فقط وأن نبقى مرهونين بشراء الطاقة منها وليس انتاجها".
وأشار الى أن على الأردن اللجوء الى دول مثل اليابان والصين للحصول على مساعدات في البرنامج النووي السلمي فهذه الدول غير خاضعة للهيمنة الاسرائيلية.
يذكر أن مجلس النواب أقر في العام 2007 قانون حق امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، وخصوصا لجهة توليد الكهرباء وتحلية المياه، ووقع الأردن اتفاقيات في مجال الطاقة النووية السلمية، مع كل من فرنسا، وإسبانيا، والصين، وكوريا الجنوبية، وروسيا، وبريطانيا والأرجنتين.
وأكد الأردن الذي وقع على معاهدة حظر الانتشار النووي في العام 1974، إلتزامه بما نصت عليه، إذ أشار رئيس هيئة الطاقة الذرية الدكتور خالد طوقان في تصريحات صحافية إلى أن "المادة الرابعة في هذه المعاهدة تمنح جميع الدول الموقعة حق الاستخدام الكامل للطاقة النووية السلمية، والبحث والتطوير"، بالاضافة الى تمسك الأردن بكافة الحقوق والامتيازات التي حددتها هذه المعاهدة، وهو ما يعني رفض التخلي عن حقه بامتلاك تكنولوجيا نووية حساسة بما فيها تخصيب اليورانيوم، وبناء محطة للمياه الثقيلة.
غير أن وكالة رويترز نقلت مؤخرا عن مصادر قريبة من المفاوضات بشأن اتفاق للتعاون النووي بين الولايات المتحدة والأردن رفض واشنطن السماح للأردن باستغلال رواسب اليورانيوم في أراضيه لتصنيع وقود نووي عطلت محادثات للتعاون النووي وإن الجانبين بعيدان تماما عن التوصل إلى أي اتفاق.
ولكن المصادر الأردنية، بحسب رويترز، قالت إن واشنطن رفضت في محادثات العام الماضي السماح للأردن بإنتاج الوقود النووي بنفسه وهو حق يصر عليه الأردن الحليف المقرب من الولايات المتحدة بوصفه أحد موقعي معاهدة حظر الانتشار النووي.
وفي الجانب الاسرائيلي، اعتبر الكاتب "تسفي برئيل" في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أخيرا أن لدى الأردن أسبابا عدة للغضب من إسرائيل، ابرزها الضغوطات الإسرائيلية على الإدارة الأميركية لمنع استغلال الأردن خامات اليورانيوم المتواجدة في أراضي المملكة.
وبرئيل قال إن إسرائيل أبلغت واشنطن أنها لا تستطيع التعايش مع قيام الأردن بإنتاج وقود نووي في المملكة.
واشنطن التي استجابت لحليفتها اسرائيل اعلنت أنها لن توافق على إنتاج وقود نووي في داخل الأردن.
يشار هنا، وبحسب تقديرات رسمية، إلى أن انجاز مشروع المفاعل النووي السلمي سيُمكن الأردن من توليد 30 % من احتياجات الطاقة محليا بحلول العام 2030، وإن احتياطات الفوسفات في الأردن المقدرة بـ 2 بليون طن تحتوي على 130 ألف طن من اليورانيوم، ما يشجع على استغلال هذه الثروة الطبيعية في بلد يعاني من تكلفة باهظة لفاتورة النفط، والتي وصلت لـ 4 بليون دولار العام 2008، في الوقت الذي ما تزال فيه المملكة تستورد 95 % من احتياجاتها من الطاقة.
مشروع ناقل البحرين
أبدت اسرائيل اعتراضات على مشروع ناقل البحرين الذي يعتبر مشروعا أردنيا بامتياز، حيث جاء الطرح الأردني للمشروع ردا على المشروع الإسرائيلي لحفر قناة بين البحرين
( الأبيض، الميت) وقد نجحت المساعي الاردنية بإلغاء المشروع الاسرائيلي وتقديم المشروع الأردني ( الأحمر، الميت) وهذا المشروع تستفيد منه جميع الدول المشاطئة لهذا الإرث الانساني الا أنه ولأسباب غير معروفة يتعرض هذا المشروع للتأخير بحسب خبراء يؤكدون أنه بحاجة الى قرار عالمي للبدء بالتنفيذ.
فبعد أن أعلنت "إسرائيل" في العام 1977 عن نيتها تنفيذ المشروع، وذلك بأن تكون القناة من البحر المتوسط الى البحر الميت وليس المشروع الحالي، احتج الأردن للآثار التي ستنتج عن ذلك سواء عليه أوعلى الضفة الغربية وتم اصدار قرار من قبل الامم المتحدة ضد المشروع لانتهاكه للسيادة الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية المحتلة ولم يكن هذا المشروع الاسرائيلي مقبولا ايضا من جهات متعددة داخل اسرائيل لآثاره البيئية وبالخصوص المياه الجوفية حسب الخطوط العديدة التي اقترحت لمسار القناة.
الخبير والمستشار في الطاقة ومدير عام شركة البوتاس العربية الأسبق المهندس ناصر السعدون، قال إن مشروع قناة البحرين مشروع أردني في الأساس، وكان من المقرر تنفيذه في الأراضي الأردنية ولكن كون البحر الميت مشتركاً بينه وبين السلطة الفلسطينية واسرائيل تم التوقيع بينهم، ليكون أحد مشاريع اتفاقية وادي عربة.
وأكد السعدون أن "اسرائيل، في الوقت الراهن، متماشية مع الطرح الأردني للمشروع رغم عدم اقتناعها فيه"، لافتا الى أن اسرائيل تعلم بأن هذا المشروع لن يتم واذا تم فسيكون بعد أكثر من 30 عاما"، بحسب قوله.
وأشار السعدون إلى أن "اسرائيل ستبقى تقدم اعتراضات على الدراسات التي تتم حاليا على المشروع حتى تتمكن من تجييره لمصلحتها".
يذكر أن الاردن جهودا كبيرة لإقناع الأطراف كافة، بأهمية المشروع وفوائده على المدى البعيد والقريب والذي يوفر حوالي 850 مليون متر مكعب من المياه العذبة المحلاة، تبلغ حصة الأردن منها حوالي 570 مليون متر مكعب، في حين سيتم توزيع 380 مليون متر مكعب على إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية.
وكان البنك الدولي قام بإحالة عطاءين لإجراء دراستين عن المشروع، الأولى متعلقة بالجدوى الاقتصادية والفنية والثانية بيئية واجتماعية، ومن المقرر أن يتم انجاز الدراستين العام الحالي.
من جانبه، اشار الخبير المائي الدكتور إلياس سلامة الى رغبة اسرائيل في تنفيذ المشروع بطرحها، وليس بالطرح الأردني.
وقال سلامة إن الحكم على المشروع في الوقت الراهن صعب، مفضلا انتظار صدور نتائج الدراسات التي تنفذ حاليا على المشروع.
يشار هنا الى أن اللجنة التوجيهية لمشروع ناقل البحرين (الاحمر - الميت) التي تضم الاردن وفلسطين واسرائيل والبنك الدولي تعقد اجتماعات بحضور ممثلين عن الشركات التي تجري دراسات الجدوى الاقتصادية والبيئية للمشروع.
ويبحث المشاركون في الاجتماع خطوات سير العمل بالمشروع والدراسات التي تجريها شركتان فرنسية وبريطانية والنتائج التي توصلتا اليها حتى الآن، إضافة الى تفاصيل وقضايا اخرى متعلقة بالمشروع.
المغطس
وفي محاولة منها لجذب السياحة الدينية إليها وحرمان الأردن منها، أبدت اسرائيل اعتراضها الشديد مؤخرا على اعتماد موقع الحج المسيحي في منطقة الخرار شرقي نهر الاردن بعد اعتماده رسميا من قبل البابا السابق يوحنا بولص الثاني اثناء زيارته للمغطس حاجا العام 2000.
مدير هيئة موقع المغطس المهندس ضياء المدني، قال إن ذلك الاعتراض جاء خلال زيارة الاب - شيزرة - مدير اوبيرا رومانا - المؤسسة المعنية بالحج المسيحي في الفاتيكان لاسرائيل قبل أيام حيث حاولت وزارة الأديان الاسرائيلية اقناعه بثبوت المغطس غربي نهر الاردن.
وبين المدني أن الاب شيزرة رفض الطروحات الاسرائيلية متسلحا بالاعتماد البابوي الثنائي لموقع المعمودية شرقي نهر الاردن، حيث اعلن من موقع المعمودية اعتمادها رسميا كمحج مسيحي عالمي بعد ان ثبت تاريخيا وجغرافيا موقع العماد شرقي النهر، مؤكدا وجود وثائق في الديوان الملكي تبين ذلك.
وأشار الى أن اعتماد قداسة البابا بيندكتوس السادس عشر اثناء زيارته للموقع حاجا في ايار (مايو) العام الماضي عزز احتضان الاردن وارضه لمعمودية السيد المسيح، الأمر الذي يلغي تلك الطروحات الاسرائيلية التي تهدف الى جذب افواج الحج اليها وبالتالي الاستفادة من الناحية السياحية الاقتصادية.
العلاقات التجارية بين البلدين
أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية الأردنية مع إسرائيل، فإنها تصب في مصلحة الطرف الأخير المستفيد من عملية التبادل التجاري؛ إذ يميل العجز في الميزان التجاري بين البلدين في صالحها، بعد أن وصلت مستوردات المملكة من إسرائيل، إلى نحو 93 مليون دينار العام الماضي.
والتطبيع الاقتصادي بين الأردن وإسرائيل كما أسماه خبراء ومختصون، ما هو الا دعاية مجانية للمنتجات الإسرائيلية على حساب الاقتصاد الوطني وفقا لهم؛ كون القيمة المضافة من هذه العلاقة الاقتصادية "قليلة جدا" مقارنة مع تلك التي يجنيها الطرف الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي يندرج فيه التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل، تنفيذا لاتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي، بين الأردن وإسرائيل التي تم توقيعها العام 1995، وأنهت المقاطعة الاقتصادية بين البلدين، فهي ليست قدرا محتوما، كما يرى الخبراء، ويمكن إيجاد بدائل لها في ظل ظروف طبيعية، مؤكدين أن هذه الاتفاقية، جاءت لمصلحة إسرائيل، إذ تفوقت مستوردات المملكة على صادراتها، مما فاقم العجز في الميزان التجاري بين الجانبين.
أظهرت احصاءات رسمية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة ارتفاع الصادرات الأردنية الى إسرائيل بنسبة 21.2 بالمائة خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي بحسب تقرير الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وقالت دائرة الإحصاءات إن الصادرات الأردنية الى إسرائيل بلغت (34.08) مليون دولار مقارنة بـ (27.9) مليون دولار في نفس الفترة من العام 2009.
وبينت الإحصاءات تقلص نسبة الواردات الإسرائيلية الى الأردن بنسبة 26.5 بالمئة تقدر بـ (39.8) مليون دولار مقارنة بـ (54.2) مليون دولار في نفس الفترة العام الماضي.
ووصل العجز في الميزان التجاري بين الأردن واسرائيل العام الماضي، إلى نحو 10 ملايين لصالح الاخيرة، وبعد أن وصلت صادرات المملكة إليها إلى 71.5 مليون دينار، و11.7 مليون دينار المعاد تصديره، وبلغ عدد الشركات الإسرائيلية المصدرة للأردن 1050 شركة، وهو الأكبر قياساً إلى بقية الدول العربية.
الغد