بعد كل ما فاض به تقرير ديوان المحاسبة من معلومات موثقة من جهة رقابية متخصصة فنياً ، ومخولة قانونياً وفق الدستور ، و اطلع القاصي و الداني على ما رشح منه للإعلام ، نات الجميع يسأل !!، وماذا بعد ؟؟
نعلم جميعاً حجم الوقت الكبير و الجهد المبذول لمتابعة كل هذه القضايا من قبل رئيس ديوان المحاسبة و كوادره المخلصة ، و ما تحملوه من ضغوط اثناء اعدادهم لهذا التقرير ، نتيجة لردودِ افعال متوقعة ،وغضب من الجهات الحكومية التي اشار اليها التقرير ، بروح وطنية عالية و إرادة قوية نجحوا وقدموا لبنة من لبنات التصحيح لمسارٍ خاطئ خدمةً للوطن ، ومحاولة المساهمة في تخليصة من بؤر الفساد المالي و الاداري ، و التأشير على كل ما يُعيق مسار التنمية على مختلف الصُعد .
بعد كل هذا المجهود الهائل ، وتحمل المسؤولية على أكمل وجه ، انتقلت المسؤولية تلقائياً وفق الدستور ايضاً الى السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد تسلمهم التقرير من قبل رئيس ديوان المحاسبة الدكتور مصطفى البراري مشكوراً .
نتوقع وبدون أي تردد قيام الحكومة باستنفار كوادرها و جهازها الرقابي الداخلي، تدارس كل الملاحظات من قبل كل مؤسسة على حده ، وتقييم ما اُرتكب من أخطاء ، اسبابها ومرتكبيها والأضرار الناجمة عنها ، ومن يتحمل مسؤولية هذه الجرائم و الاخطاء ، ومعاقبة مرتكبيها ، ثم اعادة النظر ببعض القوانين والأنظمة لتصويب الامور لمنع تكرارها في المستقبل ، وتعزيز الرقابة الداخلية والذاتية داخل كل المؤسسات و الشركات الحكومية و المؤسسات المستقلة .
و اما السلطة التشريعية ممثلة بمجلسي الأعيان و النواب ، فقد تسلم التقرير ، ومن الطبيعي أن النواب قد وصلتهم جرعة ضخمة من المخالفات و التجاوزات ، تستدعي القراءة و التحليل ومن قبل محتصين محترفين للخروج بمقترحات عملية ، توضح المسار القانوني للنواب ، كي يقوموا بواجبهم الرقابي وفق الدستور ، تبدأ بمتابعة الإجراءات الحكومية التي من المفروض القيام بها لمعالجة هذه القضايا إن تمت ، وإلا مسائلتها واستجواب رئيسها و وزراءها اذا لم يقم بالاجراءات المطلوبة ومحاسبة كل من ثبت ارتكابة لحرم أو خطأ ، أو مخالف للقوانين والأنظمة أو كان شريك أو متستر عليها .
في الحتام ، اتمنى كما يتمنى الجميع ، بأن تقوم الحكومة بما يملية عليها الشعور الوجداني والضمير الوطني في معالجة هذه القضايا ومحاسبة مرتكبيها وبشكل عاجل وقيام مجلس الامة بشقية بواجبه الدستوري والوطني على أكمل وجه ...