شاب حوراني ذات طلة بهية أتى من عروس الشمال إربد الى ثغر الأردن الباسم لجمع قوت أولاده وإطعامهم بالحلال لكن يد الغدر كانت أسرع فقتله صاروخ أعمى قد ضل طريقه فلا يجب أن تكون وجهته العقبه فعاد الشهيد العريس إلى مسقط رأسه عروس الشمال محملا على نعش الشرف فإرادة القدر كانت أكبر وأسرع وليس بوسعنا شيء سوى الصبر.
أنا لا أتحدث عن قصة من الخيال بل إنما أتحدث عن الشهيد صبحي العلاونه الذي قام شرذمة من القتلة وسفكة الدماء من قتله غدرا أثناء وجوده في سيارة الأجرة الخاصة به في مدينة العقبه فهذا الشاب رأيت فيه طيبة تعلو محياه وإصرار وصبر ومثابرة لجمع لقمة العيش.
فهنا يا صبحي رغم ألمي عليك إعذرني من البكاء رغم أنك وردة وقطفت لأن ابنتك نبأ ذات الإثني عشر عاما لم تترك لي متسع للبكاء فلقد إستطاعت أن تحبس دموعها رغما عن حاجتها لك في هذا العمر وذلك يعني أنك رسخت معنى الإيمان في قلوب أولادك وعلمتهم أن الموت لا يستثني أحد فهو حق ورغم ذلك أخرجت دمعة حارة لا أستطيع معاتبتها عليها لأني عرفت سبب ذلك وهو إستغرابها من أن المسلم يقتل أخيه المسلم وأن هناك غدر وأنهم يعلقون ذلك بحجة الإسلام والإسلام براء منهم ,كما رأيت في عيني سبأ ذهولا وتساؤلا لماذا يقتل أبي دون سبب إقترفه. فأريد أن أطلب منك أن تعلمنا سبأ كيف إستطاعت حبس دموعها؟ ولن أزيد على ماقيل على لسان سبأ \"سنبكي شهيدا يوما وسيبكي المجرموت لقرون\" فهذه الكلمات إجمالا للكثير وددت قوله فأنتم صبرتم ونلتم وهو سيقذفون إلى مزبلة التاريخ وإلى جهنم إن شاء الله.
تقبل معذرتي يا صبحي أن أقبل كل سائق تكسي على وجنتيه لأجلك وأقول له سلام عليك يا رفيق ذات الشاب الحوراني, وإعذرني فهذه المرة سأقوم بغبطة الزهور البريه في بلدتك فهي ستشرب من دمك فهي لن تضمىء بعد ذلك فهو الأزكى طعما والأفضل رائحة واقبل معذرتي أن أغبط إربد على كرمها بتقديم الشهداء واحدا تلو الاخر وأغبط أهل الطيبه على أنهم عاشوا معك في نفس البلده وإعذرني مرة أخرى اني لن أبكي عليك فلولا إيماننا العميق بأنك إلى جنات الخلد لإنبهرت العقبه من حجم دموعنا رغم أنها تقع على بحر كبير.....
إعلم يا شهيد الصيف أن يد الغادر لن تطول أكثر من هذا فسيأتي يوما به تقطع من جذورها ,واعلم ان الليل وإن طال سيبزغ الفجر ,وإعلم أنك لن تغيب عن مخيلتنا مهما طال الزمن لكن نستبشر خيرا أن نجتمع معا في الجنة إن شاء الله , واعلم أن على دربك الكثير من الشهداء الذين أكرمهم الله تعالى وسيكرمهم بشهادة وشرف الدفاع عن الوطن والأمه واعلم وإن طالت يد خفافيش الظلام سيبقى الأردن قلعة عصيبة على الأعداء مهما حاولوا النيل منها , واعلم أن العقبه ستبقى ثغر الأردن الباسم فلن يستطيع المعتدي من إطفاء تلك الإبتسامه أو وضع شامة سوداء في خدها.
وأخيرا ليس بيدي سوى الدعاء لك بالرحمه يا أبا أحمد وهنيئا لك التربية الصالحه بتلك الفتاتان سبأ ونبأ وهنيئا لك بتلك المرأة الصابرة المؤمنه بالله ,وهنيئا لك أحمد الذي سيبقى رافعا إسمك ورافعا رأسه بك فسيبقى يخلد إسمك وسيبقى لسانه دائما مفتخرا بك ويقول أنا إبن صبحي العلاونه, ولا تخف على أولادك فهم أبناء وأخوان كل أردني فسنفخر بهم وسنبقى نتعلم من نبأ .....نبأ جميلا وهو ما هي الحياه ولماذا أبكي على حبيب لطالما أعرف إلى أين هو ذاهب.
شهيد الصيف صبحي العلاونه .................وداعا.
\"الحارث محمد سبيتان الحلالمه\"