الدستور والديمقراطية وسيادة القانون والتعددية السياسية والشفافية عبارات سمعناها كثيرا من الحكومة بل وحتى من الحكومات السابقة في ردودها على خطاب التكليف السامي الذي لم يخلو ابدا من مطالبة الحكومات الاردنية بتكريس مفهوم الديمقراطية وسيادة القانون والشفافية في ممارساتها.
ورغم تأكيد حكومة سمير الرفاعي (الابن) في رده على خطاب التكليف السامي على الالتزام بهذه المفاهيم نصا وروحا . لكن الذي حدث ويحدث لاعلاقة له بهذه المفردات لا من قريب ولا من بعيد.
وقبل ان نبدأ بالتحليل لا بد من توضيح مبدأ سيادة القانون الذي يبدو ان الحكومة تناولته شعارا فقط دون فهم حقيقي لهذا المبدأ الذي استقر في الدساتير ومنها الدستور الاردني ...فمبدا سيادة القانون يعني خضوع كل من الحكام والمحكومين للقانون. ويقصد بالقانون هنا معناه الواسع، أي مجموعة القواعد العامة والمجردة، وبالتالي فإن القانون هنا يشمل الدستور والقانون بمعناه الضيق، والأنظمة والتعليمات والقرارات
ووفقاً لهذا المبدأ، فإن قواعد القانون بمعناه الواسع توضع لتحقيق المصلحة العامة، ولا بد أن يخضع لها كافة المخاطبين بأحكامها حكاما ومحكومين، وأخيراً يجب أن تكون قواعد القانون منسجمة في تدرجها، بمعنى أن لا تخالف القاعدة الأدنى القاعدة الأعلى منها مرتبة، بحيث لا يجوز للقرارات أن تخالف التعليمات، ولا التعليمات أن تخالف النظام، ولا للنظام أن يخالف القانون، ولا للقانون أن يخالف الدستور، وهذا ما يعرف في الوقت الحاضر بمبدأ المشروعية.
بعد هذا التوضيح اتسال هل الحكومة ملتزمة فعلا بمبدأ سيادة القانون ؟؟ اقول بالتاكيد لاوخير دليل على ذلك ممارسارتها وسلوكها الذي يمثل اخلالا وخروجا على الحقائق الدستورية والقانونية .. فهي تصدر ما شاءت من القوانين المؤقتة وبالجملة، وتفرض الرسوم وترفع الضرائب وتهدد وتقرر كما تريد،وها هي الحكومة تصرح وصرحت سابقا وعلى أعلى المستويات انها لم تلجأ الى رفع الاسعار على السلع والمواد الغذائية, وانما فرضت ضريبة على البنزين بنوعيه, والغت الاعفاء الضريبي على بعض المواد، ودائما ما تبررذلك بارتفاع الاسعار عالميا!!!!! وأخر قرارتها برفع الضرائب وصلتني اليوم برسالة على هاتفي الخلوي من اورنج ونصها(تطبيقا لقرار الحكومة الاردنية بتعديلات لضريبة على بطاقات الشحن الخلوي من 8% الى 12%....). فاين هي من تطبيق الدستورالاردني الذي ينص (لايفرض رسم الا بقانون)...مع أته يجب ات تكون كل قراراتها تحقيقا للمصلحة العامة فقط.
حقيقة بتنا لانستطيع متابعتها ،وكأن نصوص الدستور الضابطة لتصرفاتها لا تعنيها على الاطلاق وكأن الدستور وجد فقط ليكون شعارا ويدرس في كليات الحقوق، من أجل تقديم الامتحانات ووضعه ديكورا يزين المكتبات والمؤسسات !!! .
اما الديمقراطية. وبمعناها المبسط، حكم الشعب بالشعب ولصالح الشعب. و تحقيق الديمقراطية له متطلبات , ويسيطر على ممارسة السلطة في النظام الديمقراطي مبدأ جوهري هام، هو مبدأ التلازم بين السلطة والمسؤولية. فكل من يمارس سلطة داخل الدولة، ينبغي أن يتحمل المسؤولية ويكون محلا للحساب، أيا كان شكل ممارسته لهذه السلطة سواء كان رئيس وزراء او وزيرا او امينا عاما اومديرا... وتمتد تلك المسؤولية وهذه المحاسبة على جبهة واسعة تشارك فيها السلطة التشريعة(البرلمان )والسلطة القضائية والسلطة الرابعة أي الصحافة والرأي ,وإذا اختل واحد من هذه العناصر يصبح موضوع الحديث عن الديمقراطية كلام فارغ لا يمت للديمقراطية بصلة لامن قريب ولا من بعيد.
وتطبقا لهذه المباديء القانونية فجميع الوزراء في الحكومة معرضين للمساءلة عن قراراتهم وتصريحاتهم وسلوكهم ...وليس كما يظن بعض الوزراء ان من حقهم فقط مساءلة ومحاسبة ابناء الشعب الاردني
آن الاوان ليفعل مبدأ سيادة القانون على الجميع حكاما ومحكومين وآن الاوان لهذا الشعب أن يرتقي لينتخب نوابا وطنيين حقيقين قادرين على ممارسة الرقابة الفعلية على السلطة التنفيذية و محاسبة الوزراء على أخطائهم وتصريحاتهم وفق الادوات الدستورية الممنوحة اليهم (السؤوال,والاستجواب,وطرح الثقة بالوزراء) و سن القوانين اللازمة لتفعيل مبدا سيادة القانون، فالتشريع هو من مهام مجلس الامة وليس من صلاحية السلطة التنفيذية على الاطلاق ،وآن الاوان لاستحداث محمكة دستورية مهمتها الغاء القوانين المخالفة للدستور الاردني، وآن الاوان لتعديل قانون محكمة العدل العيا ليصبح القضاء الاداري على درجتين مع توسيع اختصاصات محكمة العدل العليا لتكتمل منظومة القضاء الاردني فمنظومة القضاء الاردني ليست مكتملة كما بظن البعض ,لاننا بغير هذه التعديلات لن نرتقي لنصل الى الديمقراطية المنشودة والدولة القوية التي ارداها سيد البلاد عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.