"أن تكون لديه القدرة على استقطاب التمويل الخارجي للمشاريع الجامعية" ..
هذه إحدى الشروط التي وضعها مجلس التعليم العالي لشغل منصب رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا ضمن إعلان رسمي قام بوضعه ظهر اليوم.
استوقفني كثيراً مصطلح "المشاريع الجامعية" وما يقصده التعليم العالي بهكذا مصطلح؟! هل هي مشاريع البنية التحتية للجامعة والتي تعهدت الحكومة عبر استراتيجيات التعليم العالي المتتالية والتي كان آخرها استراتيجية 2014-2018 بأن تقوم الحكومة بدعم هذه المشاريع كاملةً؟َ أم المقصود مشاريع البحث العلمي التي تخصص لها جامعة العلوم والتكنولوجيا ما يقارب السبعة ملايين دينار أردني سنوياً من ميزانيتها (ما يقارب ال10% من الميزانية)؟؟!!
ليس المقصود بهذا المصطلح مشاريع البنية التحتية التي تدعمها الحكومة ولا مشاريع البحث العلمي التي تمولها الجامعة من ميزانيتها وإنما "المشاريع الاستثمارية للجامعة". فمجلس التعليم العالي يريد رئيساً قادراً على جلب الاستثمارات التجارية للجامعة لسد العاجز الناتج سابقاً ولاحقاً عن "إلغاء"الدعم الحكومي للجامعات الرسمية (علماً بأن جامعة العلوم والتكنولوجيا هي من الجامعات التي تحقق فائضاً كبيراً في ميزانيتها السنوية ناتج عن الأعداد الضخمة من المقبولين على البرنامج الموازي).
ويبدو أن الجامعة الأم كانت النموذج الذي اتخذه مجلس التعليم العالي في بحثه عن رئيس لجامعة العلوم والتكنولوجيا، فالجامعة الأردنية أنشأت منصباً جديداً تحت اسم "نائب الرئيس لشؤون الاستثمار"، كما احتُلت شوارعها وأزقتها وساحاتها من قبل شركات الدعاية والإعلان فيما تحول المسطح الأخضر في الجامعة إلى "محل لبيع الأحذية"، وكان آخر إبداعات الاستثمار في الجامعة هو فتح فرع لأحد مطاعم الوجبات السريعة داخل الحرم الجامعي وهو الأمر الذي اعتبر سابقة في تاريخ الجامعات الرسمية وحتى الخاصة.
من حقنا أن نتساءل: هل المطلوب تحويل رئيس الجامعة إلى مدير تسويق؟! وهل كفاءة وجدارة أي شخص بمنصب رئيس جامعة بحجم العلوم والتكنولوجيا تستند على قدراته في جلب "التمويل الخارجي" لمشاريع الجامعة؟؟!! وهل سيصبح تقييم الجامعات مبني على عدد المطاعم والكافتيريات ومحلات الأحذية المنتشرة في باحاتها؟؟!!
لا أدري أي عقلية علمية تلك التي وضعت هكذا شرط لهكذا منصب، وهل هي البداية الحقيقية لتحويل الجامعات إلى شركات كما حذرت حملة "ذبحتونا" سابقاً؟؟!!