حمزة عبدالمطلب المحيسن
إنها ملحمة نستجمع فيها العدة للمعدة بالقوة المادية الشرائية من الدنانير نقبل فيها بالزحف على الأسواق و " المولات " لنسبي اللحوم والخضروات والمشروبات والحلويات وتسن لوقائعها السكاكين والأشواك لنشفي غليلنا ونطفئ جمر جوعنا فهيهات منا الذلة هيهات ...وعلى وقع صوت المؤذن بالله أكبر معلنا" غروب الشمس سنمضي فيها مقبلين غير مدبرين بأسنان ماضيات نقطع فيها ما سبيناه من لحم وشحم إربا" إربا ، تتشابك أيادينا وتتضارب عليها وفيها لتسمع جولاتها وصولاتها فقط بقرع الصحون و " الكاسات " ....
كان الله في عونك يا أمي ، فها شهر رمضان قد اتى ، فسيكون لك في مطبخنا وقفات ووقفات ، لا بأس يا أمي فقد علمنا بأنه كان شهر خير أشرقت فيه أنوار الأسلام بالمعارك والغزوات والفتوحات ،فما لنا وما علينا إن جدت فيه علينا بطيب الطعام وحلوه من مأكل ومشروبات ، فأنا أعشق ( الملوخية ) وأخي الأصغر يحب ( المنسف ) وأختي لا ترضى إلا ( بالمعكرونة ) ، ولا تنسي أن أبي لن يرضى عنك إذا لم ترضيه ( بالمقلوبات ) ...
يا لها من مائدة جميلة ستزدان بالألوان والأصناف وشتى انواع المقبلات ، ولا تغضبي يا أمي إن كان جل ما ستطبخيه سيفيض منها وتأخذه سيارة النفايات ، وما عليك بالقطط إن زادت سمنتها فجمعية الرفق بالحيوان ستكون مسرورة بصحتها التي تحسنت في شهرنا هذا بفضل ما تركناه وخلفناه في السلال والحاويات ....
وإياكي يا امي أن توقظيني وقت نومي في العصر أو الطهيرة لإشتري لك الحاجات ( دبري حالك ) فأنا متخما" من سحور جميل ومتعبا" من سهر طويل ولك الأجر أن أيقظتيني قبل آذان المغرب بلحظات ....
آه ..عذرا" لك يا رمضان على سوء إدراكنا لمعانيك التي تسمو بها ولكننا إختزلناها بأكل وشرب ونوم فأنت شهر القيام والخشوع ومع ذلك لم ترى منا سوى النوم والخنوع تود ان تربينا بالشعور والإحساس بمرارة الجوع والحرمان للفقراء واليتامى والمساكين فنسيناهم وأستبدلناهم بدعوة الوجهاء والأثرياء لموائدنا الرمضانية علنا نحوز وننال رضاهم ....!
جميلا" قدومك يا رمضان ، فلا تؤاخذنا إن أستقبلناك أيضا" بالفوانيس لتزدان بها الانوار في بيوتنا على الشبايك والأسوار ولم نقم لله فيك ونغسل قلوبنا بذكر يتلى وسجود لله بالأسحار ....!
فلنتقي الله في رمضان ، الذي يقيد فيه الشيطان ولنترفع فيه عن المعاصي والشبهات فرمضان شهر نخوض فيه معارك الإقدام بالطاعات وننحني فيه الجباه لله الواحد القهار بالصلوات ، ونمسح فيها دموع أناس ترملوا وأطفال يتموا بطعام يطفئ جمر جوعهم وحرمانهم أو مال نتصدق فيه عليهم ، فبذلك سنمسح دموعهم ونغسل قلوبنا من خطايانا أمام الله عله – عز وجل – يفرج همنا وكربنا ويعيد لنا الكرة في الزعامة والسيادة بين الأمم ونكون خير امة أخرجت للناس ...أصلح الله نفوسنا وبلغنا وأياكم رمضان ونسأله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الطاعات .