زاد الاردن الاخباري -
هناك ملايين الأشخاص الذين يتعاملون في حياتهم أو أعمالهم مع أخرين هادئين بصورة مثيرة للغضب، حيث يبدو أنهم يفتقدون أي شحنة عاطفية، أو ربما أنهم يدخرون مشاعرهم من أجل مناسبة خاصة. هؤلاء الأشخاص لديهم صمام أمان ضد الانفجار يعمل في صورة جيدة.
يلعب الهدوء ورباطة الجأش دورا هنا، خاصة أثناء وقوع أزمة. ويصف سيغموند فرويد الجانب السلبي المحتمل في كبت المشاعر. ويمكن أن تنطبق بعض النصائح بسهولة على أعداد لا حصر لها من الموظفين والأزواج والأصدقاء: افقد أعصابك مرة واحدة فقط، وانظر ماذا سيحدث.
يقول جيمس غروس، أستاذ علم النفس في جامعة ستانفورد إن «أحد الأسباب التي تجعلنا متفهمين للغاية لمشاعر الآخرين عندما تكون مشاعرهم حقيقية، هي أنها تخبرنا عن أمر مهم يحدث لهذا الشخص، ويضيف أنه عندما يتم كبت تلك المشاعر أو تخفيفها، يعتقد الناس أنك لست مثلهم، فأنت لا تهتم بالأمور ذاتها التي يهتمون بها».
وتعد الدراسة الصارمة لما يسميه علماء النفس تنظيم العواطف أمرا جديدا، وقد ركزت، لأسباب واضحة على المشاعر الجامحة بصورة أكبر من المشاعر المروضة. وتصاحب المشاعر الجامحة الكثير من الأمراض العقلية على أي حال، فيما يرتبط ضبط النفس بالصحة العقلية الجيدة، منذ الطفولة وطوال الحياة.
* المزاج الفطري
* ولكن الدور الاجتماعي أمر مختلف. وقد توصلت الأبحاث في الأعوام القليلة الماضية إلى أن الناس تكتسب مجموعة من الأدوات النفسية للسيطرة على ما يعبرون عنه في المواقف الاجتماعية، وأحيانا ما تتحول تلك التقنيات إلى العقل الباطن، مما يؤثر على التعاملات بطرق غير مقصودة. وكلما تفهم الناس أنماطهم على نحو أفضل، أصبحوا أقرب إلى احتمالية رؤية سبب تحول مسار التفاعلات المشحونة عاطفيا، سواء من قلة السيطرة، أو كما في حالة الرئيس نحو المزيد منها.
ويتفق معظم العلماء على أن النطاق الشخصي في التعبير العاطفي المحتمل يرجع إلى المزاج الفطري. وأحد معاني تقدم الإنسان في العمر و التعلم الحي لكيفية السيطرة على هذا المزاج حيث يستعين بالآخرين ولا يعذب ذاته.
يقول ستيفان هوفمان، أستاذ علم النفس في جامعة بوسطن: «كلما تقدمنا في العمر تنمو المناطق الجبهية في المخ، ونصبح أكثر قدرة بيولوجيا على التحكم في اندفاعاتنا أيضا».
* التحكم في العواطف
* يقسم علماء النفس استراتيجيات التحكم إلى مجموعتين كبيرتين: وقائية، وهي التي تحدث قبل الإحساس الكامل بالمشاعر، وسريعة الاستجابة، وهي التي تأتي بعد ذلك. وأفضل ما يعرف في المجموعة الثانية، وهو أول ما يعرف فيها، الكبت البسيط. فمثلا يغطي طلاب الصف الأول ابتساماتهم بأياديهم عندما يفعل أحد زملائهم شيئا محرجا، في حين يصبح آخرون أكثر مهارة، حيث يكون رد فعلهم إخفاء الدهشة أو الانزعاج أو حتى الغضب خلف وجه لا يحمل أي تعبيرات.
ويأتي كبح المشاعر، على الرغم من قيمته الواضحة في بعض المواقف (مثل عدم الضحك في الجنائز)، على حساب بعض الجوانب الاجتماعية المعروفة. وفي دراسة أجريت عام 2003 في ستانفورد، اكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين طلب منهم عدم إظهار أي تعبيرات على وجوههم أثناء مناقشة فيلم تسجيلي عن القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي أصبحوا متوترين في الحوار على نحو خاص.
وفي دراسة أخرى نشرت العام الماضي، تابع علماء النفس 278 رجلا وامرأة في بداية التحاقهم بالجامعة، وأعطوهم استبيانا وأجروا معهم حوارات. وكان الذين سجلوا أعلى درجات كبت المشاعر، هم الذين يجدون صعوبة أكبر في تكوين صداقات.
وكتب أصحاب الدراسة أن «الشخص الذي يكون رد فعله على الانتقال إلى الجامعة بتوخي الحذر عاطفيا في الأيام الأولى» يكون أكثر احتمالية لأن يفقد فرص تكوين الصداقات.
وتعمل الوسائل الوقائية بطرق أفضل. وأحد تلك الطرق هو التحويل البسيط، والذي يركز تلقائيا على الخير ويتجاهل الشر، مثل إعادة قراءة الثناء في التقييم وتجاهل أو رفض أي نقد. وكشفت دراسة أجراها ديريك إيزاكويتز في جامعة برانديز عام 2009 أن الأشخاص فوق عمر 55 عاما أكثر إمكانية لأن يركزوا على صور إيجابية عندما يكونون في حالة مزاجية سيئة من الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما، وذلك لرفع روحهم المعنوية. وكانت المجموعة الأصغر سنا أكثر عرضة للتركيز على الصور السلبية عندما تشعر بالغضب أو الكآبة.
ومن اللافت للنظر أن د. إيزاكويتز اكتشف في دراسة أخرى أن الأشخاص الأكبر سنا يمكنهم أن يضبطوا أنفسهم بسرعة مضاعفة لسرعة من هم أصغر سنا، وقد عادوا إلى حالتهم المزاجية سريعا، في بعض الأحيان في غضون دقائق، بعد التفكير في ذكريات محزنة.
نيويورك تايمز