تمخضت حكومة سمير الرفاعي , فولدت طفلا مشوّها مشؤوما .... فجأة , تبخرت كل الوعود
في الهواء ... فها هي أولى بشائر القمع والحجر على الصحافة وحرية التعبير تطل
برأسها من جديد, ولكن بصورة اكثر دمامة وحمقا عن كل ما عاشته الصحافة وحرية التعبير
في بلادنا عبر سنوات طويلة كئيبة من الحكم العرفي ...وإلاّ , فماذا يعني تفسير و(
تأكيد ) محكمة التمييز لكلمة ( وسائل النشر ) الواردة في قانون المطبوعات لتشمل في
ما تشمل المواقع الإلكترونية ؟ الآن , ومنذ بدأت الصحافة الإلكترونية تشق طريقها
بقوة وثقة وحرفية عالية والتزام اكيد بالثوابت الوطنية عند اغلب المواقع , بدأنا
نرى ونسمع ونلمس ما تعانيه مجموعات وفئات المتضررين من هذا ( الإنقلاب ) الأعلامي
المواكب للعصر وتقنياته المتقدمة , والتي لا يستطيع أحد ( كائن من كان ) , أن يحد
من اندفاعتها واصرارها على ان تكون هي الأعلام البديل والعصري لكل انواع الأعلام
الذي تسيّد الساحة خلال عقود طويلة ....
يعلم هؤلاء المتضررون من
المواقع الإلكترونية , وما تمثله هذه المواقع من خطورة حقيقية لا أنكرها على
المصالح الضيقة لهؤلاء وأولئك , بعد ان كشفت هذه المواقع العديد من بؤر الفساد
والإفساد والكثير من مواطن الخلل في مفاصل مهمة ( في الحكومة واجهزتها البيروقراطية
وفي المجتمع بكل مكوناته ) , يعلمون انه لا يمكن التصدي لرياح التغيير ( الإعلامي )
الا بسنّ تشريعات جديدة تكمم الأفواه , او اعادة تفسير قوانين قديمة , لإعطاء معاني
جديدة لبعض الفقرات والمفردات والتعابير , كما هو حاصل الآن
....
واهم من يعتقد أن بإمكانه منع هواء الحرية عن شعب قضى 40 عاما
يتنفس الكبت ويتغذي على قائمة طويلة عريضة من المنع والزجر والترهيب والتخويف ...
وأكثر وهما من يتصور للحظة واحدة , أن القيام بهذا الأمر سيكون سهلا وسيمرّ مرور
الكرام ... ان تضييق الخناق على الصحافة الإلكترونية وما تمثله هذه الصحافة من
آفاق رحبة للحوارات الوطنية الجادة والملتزمة , لا يصبّ الا في قناة اعداء الأردن ,
اعداء الحرية ... اعداء الحياة ...
لا شك ان معركة الإعلام
الإلكتروني مع التحالف الطبقي الحاكم والمهيمن على مقدرات بلادنا منذ عقود طويلة ,
ستكون معركة مريرة , ممضّة وطويلة وفيها من الكرّ والفرّ والمساومات والمفاوضات
... وربما التنازلات , الشيء الكثير .... من هنا أوجّه نداء حارا وصادقا الى كافة
اصحاب المواقع الإخبارية الألكترونية الى عقد اجتماع عاجل لتدارس خطة للتصدي
للنوايا الحكومية من خلال تشكيل جسم نقابي ( نقابة او اتحاد او اية تسمية اخرى ) ,
علما , انه قد جرت محاولات خلال السنة الماضية , واجتمع رئيس الوزراء السبق نادر
الذهبي مع بعض رؤساء التحرير في دار الرئاسة , واتفق على هذا الأمر , وشكلت لجنة
لصياغة نظام داخلي للجسم النقابي المفترض ,و للأسف , لا ندري الى اين وصلت في
عملها ....
وأجدني , أخص اصحاب المواقع الرائدة والأقدم والأعرق
وصاحبة الوزن الأكبر , ليبادروا لتوجيه الدعوة العاجلة لهذا الإجتماع الطاريء
والبالغ الأهمية , وان يؤجلوا ويتناسوا ما قد يكون بينهم من خلافات او تباينات في
وجهات النظر والتوجهات .... ذلك ان الأمر جلل والخطر على حرية التعبير والمواقع
الإلكترونية داهم وأكيد ... ولن يسلم أحد لو تطوّر الأمر وركب دعاة التخلف رؤوسهم
وارادوها ( وفرضوها ) معركة مفتوحة ضد الإعلام الإلكتروني .....