عاد من عمله منهكاً متعباً فتح باب منزله على عجلة و استحم على عجلة
أيضاً و راح
ليدفن نفسه سريعاً بين أغطية سَريرهُ المُبعثرة كالحجارة
التي يلهو بها الأطفال
على أبواب منازلهم فغطاء هنا و غطاء هناك و كلها
منثورة تنتظر وجبة النوم
التالية لتُحَرَكَ من مكانها، رقد سريعاً و ربط
المنبه ليوقظه بصراخه الطويل بعد
ساعتين ليذهب بعدها لرؤيتها فهو لم يرها
منذ الأمس،
في طريق عودته إلى البيت
غادر حافلة الموظفين بمنتصفِ الطريق تقريباً
وذهب ليَنتَقي لها أجمل الإكسسوارات
لتزيدها جمالا و أكمل الطريق مشياً،
ببساطة انه يُحبها، لا بل انه مكللاً
بِعشقها....
...مُنبهُ الهاتِف يُطلق صفيراً مزعجاً معلناً انطلاق النوم سريعاً
فما
لبث أن سَمعه حتى فَزَ مُسرعاً و بدل ملابسه و جَر هداياهُ وَراءهُ
ومن
ثم قابلها في الباحةِ المجاورة لحديقة البيت، وجدها كعادتها واقفة
تنتظره
فألبسها ما قد انتقاه لها وانطَلقا سوية... كانَ يقود بسرعة
جنونية..
السرعة تزداد و هو يضغط على مكابح السرعة مرة تلو الأخرى حتى
جَنَ
جُنونها و أوقفته رغماً عنهُ و صَفعته بقولها:
إلى متى يا هذا ستبقى
سفيهاً !!، تقطع الإشارة الضوئية و تمضي سريعاً!
بَلَعَ السُكوتَ و أشاح بعينيه
عنها فاستدركت قائلة: أنت إنسانٌ تَدّعي
الرُقيَ و الحَضر، و تَدهَسُ في كل عامٍ
من الأُناسِ ما يسر، وتنادي
بالحوارِ و استعمال الفكر، وأنت في تخلفك مندثر،
فقال متعجباً مُستنكر:
عشقي لك هو ما يجعل نصفُ الراتب لجمالك، ونصفه الآخر
لأشتري و أبدل
اكسسواراتك، و إن خالفتُ بعض القوانين فهي لاستمتاعي و كمالك،
فكيف
تكونين بلا سرعة !! ولا تنسي بأنك محكومة للمالك.
فأجابته بتحدٍ:
إن
كنت مغلوبة على أمري و لا رأيَ لي يسمع، لن امشي متراً واحد و لا أريد
بنزيناً
فأنا أصلا لا أشبع، و لن أرافقُكَ، فأنت كالعقرب في كل مكان
يلسع، إلا إن التزمت
السير و قواعده، والتزمتَ المسرب من أول الطريق
لآخرُه و إن ارتكبت التجاوز
الخاطئ فأنا لملكك تاركُه، فأنْجو بي وبروحكَ
قبل أن أجعلَك لعقلكَ فاقِدُه، ولن
تُغريني بالبنزين، فمن لا يلتزم أنا
حتماً قاتله...!!
و بدأت تمشي رويداً
رويداً تريد أن تدهسه فبدأ بالصراخ و الصراخ و الصراخ
حتى استفاق من الغيبوبةِ
التي رقد بها لأيام نتيجة حادث سيرٍ مُريع كان
سببه قطع الإشارة
الحمراء..
{انتبه فهناك خطوط حمراء.. تنتهي حريتك عندما تبدأ حريات الآخرين}