معتصم مفلح القضاة
في بداية مشوار الاغتراب وتحديداً في عام 1995 م، التقيت في اليمن بمجموعة من الطلاب المبتعثين من وزارة التعليم العالي للدراسة، وكنا يومها مجموعة لا بأس بها، وفي أثناء الحديث كنت أستغرب من بعضهم لا يعرف شيئاً خارج إطار المدينة التي يسكنها، فلا يعرف شيئاً عن الجامعة الأردنية ولا بوابة الزراعة، ولم يصل في يوم من الأيام إلى منطقة العبدلي أو رغدان، بل إن هذه المسميات كانت بالنسبة له أشبه بموال أو أغنية حالمة، في حين أنني التقيت بآخرين ممن كتبت عليهم الأقدار أن يتغربوا عن وطنهم في وقت مبكر، وعلى العكس تماماً، كنت ألاحظ إلمامهم بتفاصيل كثيرة جداً عن الأردن من شماله إلى جنوبه، عن غوره وعقبته، عن عجلونه وسلطه، وأكثر من ذلك فإن أخبار الأردن لم تفارق هؤلاء بتفاصيل أكثر ما تكون إلى الخيال.
بهذه المقدمة أحببت أن أبدأ خاطرتي.
حيث تآمر على اغتيال صوتي مجموعة ممن لم يخرجوا خارج أسوار حديقتهم.
وظنوا أنني بغربتي غريب عن بلدي ووطني، وما عرفوا أن الوطن يأكل معي ويشرب قبلي وأتقاسم أنفاسي مع كل نبضة من تبضاته.
لقد حسبوا حساباتهم وتربعوا على كرسي مصالحهم، وليعلموا أنهم أخطئوا الحساب وستكون النتائج أشد خطئاً.
لقد اغتالوا صوتي وأنا الذي يعلم أين يكون الصوت، ولمن يعطى.
واغتالوا إرادتي وإرادة من هم مثلي، وحبنا للوطن وخدمتنا له ليس أقل ممن يعيش على أرضه وترابه.
لقد اغتالوا فرحتي بعرس الوطن، وقد رأيت إخوة من العراق تتهلل وجوههم فرحاً بمشاركتهم في عرس مماثل، وتساءلت لم حرمنا من هذا ونحن الأعرق ديمقراطية بين شعوب العرب؟
من هنا وهناك يبقى التساؤل، لماذا يحرم المغترب من حق التصويت في الانتخابات البرلمانية؟؟
أترك لكم الإجابة والتخيل.