لا أعرف ما الذي جعلني أتذكر مسيرة حكومتنا العتيدة منذ ولادتها حتى اليوم ...هذه الحكومة التي ما فتأت تبحث خصم وهمي تسلّي به نفسها والشعب ووسائل الإعلام الداخلية والخارجية لأجل تسليط الضوء عليها و إطالة عمرها ولو حتى بزوغ شمس العاشر من نوفمبر حيث نتائج الانتخابات النيابية.
لقد وجدت الحكومة ضالّتها في حجب الصحف الالكترونية لأسباب واهية، إضافة إلى إستقواء الحكومة على عامل مياومة أو \" معلم مسكين\" ... هذا المعلم الذي لم يلقى احتراما من حكومتنا منذ أن رأت النور في الرابع عشر من كانون الأول – ديسمبر عام 2009 ... هذه الحكومة التي أفقدت المعلم صوابه عبر تصريحات -لأحد وزرائها- بان على المعلم أن يحافظ على نظافته وهندامه وحلاقة ذقنه وأن يرتدي عدسات عيون وردية او بنفسجية او حتى رمادية...!!!.
لا اعرف لماذا كل هذه \"العنجهية الحكومية\" في معالجتها للقضايا العامّة والتي نخشى ان تدفع المتربصين في البلد لاستغلال الوضع لصالحها بعيدا عن مصلحة الوطن، ولا اعرف ما الذي كانت الحكومة ترمي إليه من إهانتها لصانع الأجيال وصانع الفكر والمعرفة في المجتمع ... هل كان المعلم قذرا في هندامه وذقنه وهيبته إلى درجة أخرجت الحكومة عن كياستها ودبلوماسيتها في التعامل مع صنّاع الغد والمستقبل ... ألا تعلم الحكومة أن المعلم يكاد لا يجد قوت يومه وكساء أسرته جرّاء \"تطنيش\" الحكومات المتعاقبة لأوضاعه المادية والمعنوية وظروف العمل... ألا تعلم الحكومة أن المعلم هو \"ولي أمر\" في الدرجة الأولى وعليه من الالتزامات ما هو على الوزير والمدير والخبير... الا تعلم هذه الحكومة انها وشقيقاتها من حكومات خلت قد ساهمت في \"دحر\" المعلم ليصبح سمسارا في حسبة او محاسب وبائع في متجر!!!.
إنني استغرب هذه الحكومة التي بدأت باستعداء بسطاء وعظماء مجتمعنا ممثلين بالصحفي والمعلم والعامل وكل أصحاب الفكر والعزّة و الكرامة والكبرياء في هذا الوطن ... الا يكفي هذه الحكومة مسلسلها \" المكسيكي المدبلج\" في فرض ضرائب غير مقنعة وليس لها من المنطق بشيء ... الا ترى هذه الحكومة بان مسلسلها الضرائبي هذا لن تنتهي حلقاته الا بدخول المواطن قبو قبره ليكون في ذمة الله لا في ذمة الحكومة... الا ترى حكومتنا بأننا بتنا نتمنى قبرا نرقد فيه بسلام خيرا من عيش في ظل قهر حكومة لا تأخذ للمواطن أدنى قيمة أو وزن ... ألا ترى حكومتنا بأنها تلّسط سيوفها على رقاب بسطاء الشعب وعامّتهم...الا ترى هذه الحكومة بأنها تعجرفت وتعالت كثيرا على كرامة وعزّة هذا الشعب بينما لا تقوى على فتح ملفات الفساد والإفساد بشكل حقيقي ...ألا ترى بأنها تمادت في كسر إرادة مواطن غيّور مخلص لوطنه ومليكه... ألا تعلم الحكومة بأن هذا المواطن لن ينحنى ولن يركع لا سيّما وأنه يستظل \" بعبائتي الولاء لجلالة الملك والانتماء لهذا الوطن\"... الا تدرك الحكومة بأن هذا الشعب يتفيأ بعباءة والدنا وشقيقنا وصديقنا وحبيبنا ومليكنا ومولانا وقرة أعيننا ابا الحسين ... ألا ترى الحكومة بأنه قد طفح الكيل بأفعالها !!... الا ترى حكومتنا بان هذا الشعب سيستصرخ جلالة مولانا من تغوّل الحكومة عليه بهذا الشكل غير المسبوق!!!.
عجبا لهذه الحكومة... الا يكفيها ما يتعرض له المواطن والعامل من ضنك في الحياة... الا يكفيها ما يعانيه المعلم في غرفة صفة من تصرفات أبناءنا الذين بتنا لا نستطيع ضبط تصرفاتهم في مدارسنا و بيوتنا؟!!! الا يكفيها صنيع عامل زراعة او عامل وطن يكدّ ويتعب لستر وسدّ رمق أطفاله وأسرته...ألا يكفيها ذاك الصحفي الذي يكافح لكشف فضائع وفضائح من نهبوا البلد على رؤوس الأشهاد؟!!!.
أي منطق هذا الذي تتسلح به حكومة صنعت من \" المربي مصطفى الرواشده\" \"والفاضلة أدما زريقات \" و\"المناضل لأجل لقمة العيش محمد السنيد\"... أبطالا وهم أناس أردنيون بسطاء لا حول لهم ولا قوة \" إلا حب الله و الوطن والملك والسعي لحياة كريمة \".
دولة الرئيس... إن هولاء مجرد رموز وعينات لفقراء وبسطاء الوطن الذين لم يشفق على حالهم مسئول لم تسعفه عدساته اللاصقة لرؤية حال وأحوال مواطن اقسم بان \" الله ربا\"، والأردن وطنا، وأبا الحسين قائدا ومليكا ومنقذا؟!!!.
قد يعتقد بعض المنظّرين و المتشدقين تأييدا لنهج هذه الحكومة، بأن الأمر قد انتهى عند هذه الثلة الثلاثة من رموز الوطن ... إن من يعتقد ذلك هو إنسان ليس له من الحكمة بشيء، وأنه لا يقدّر الأمور على سجيتها وحقيقتها...كيف لا وقد وصلت عبقرية الفكر في حكومتنا بان حجبت المواقع الالكترونية عن دوائرها ومؤسساتها تحت حجج واهية لا تغني ولا تسمن من جوع ... الا يعلم عباقرة الحكومة وأصحاب الفكر الديجيتالي فيها ان فك شيفرة هذا المنع يمكن حلّه وتجاوزه بسهولة من خلال عبقرية طفل او شاب بسن مراهقة تتلهفه روح التحدي فكرا وإيمانا بحرية الكلمة.؟!!! الا يعلم جهابذة الفكر والسياسة بان كل ممنوع مرغوب وأن فك شيفرة \"بروكسي\" المنع يتم تداولها عبر الانترنت وكل وسائل الاتصال.!!! الا يعلم هولاء بأن هذه المواقع لن تتسامح مع سلوكيات حكومة تكميم الأفواه من خلال قرائها ومناصريها ومحبيها ... الا تعلم هذه الحكومة بان هذه الشعب يفتخر بصحافته الحرة النزيهة المنطوية تحت شعاري الولاء للمك والانتماء للوطن؟... الا تعلم الحكومة بأن هذا الشعب لن يسمح بتغوّل الحكومة على الصحافة ولا بتجني الصحافة على الحكومةّّ!!.
إنني إذ اكتب كلماتي هذه فإنني احذّر دولة الرئيس من تكرار تصرفات وتصريحات بعض وزراء حكومته \"غير المسئولة\" والتي أوصلتنا إلى هذه الحد من التوتر النفسي والاجتماعي والعصبي.
لقد بات الشعب في حالة توتر وتساؤل حول مصير أبنائنا من موظفين وطلبة خصوصا مع قرب بدء العام الدراسي الجديد... ان جماهير الشعب الأردني باتت تتخوف وتتحسب على مصير عمالنا وموظفينا لا سيّما وان سيوف الحكومة تبشرنا بقرب إحالة أكثر من 6000 ألاف من موظفيها نصرة ودعما لموازنة مهترئة تنفق على رواتب وبدلات وميزات مسئولين لطالما كان هدفهم مزيدا من الكسب على حساب مدخولات ومصالح الشعب.
إنني أتمنى على دولة الرئيس تبديد مخاوفنا كمواطنين وأولياء أمور وأسر، وذلك باتخاذ إجراءات عقلانية لتصويب المسار، وليس من خلال تأجيج الأمور وتأزيمها تحت شعار \"استعادة الولاية العامة للحكومة ولرئيس السلطة التنفيذية حسب الدستور\" من خلال استيداعات وتنقلات تعسفية ضد أبنائنا من موظفين ومعلمين وعمال وغيرهم.
إنني أتمنى على دولته نزع فتيل فتنة قد يستغلها بعض الضعفاء المتربصين في هذا الوطن... أتمنى على دولته التصرف \"كرجل دولة\" أوكل إليه جلالة الملك ترأس حكومة يفترض بها أن تعمل بخطاب التكليف السامي بما فيه من حرص على مصالح الشعب والوطن ودمتم.
thabetna2008@yahoo.com