زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا تبدو الهجمة المنسقة التي تشنها فعاليات برلمانية ضد حكومة الرئيس عبدالله النسور في الأردن داخل السياق السياسي العام الذي يمكن الانطلاق منه لتأسيس تشكيل وزارة جديدة، كما كان يحصل في الماضي.
رغم الإيحاء المعاكس لا يمكن اعتبار الحراك المباغت الذي يطالب بإسقاط وزارة النسور أكثر من جملة «مناكفة» قد تكون اعتيادية بعدما تجاوز رئيس الحكومة المحنك والمخضرم قواعد الأسقف الزمنية المألوفة وبدأ يقترب من العام الثالث دون توفر إشارات مباشرة على ان الحكومة آيلة للسقوط.
حكومة النسور «تقادمت»، هذا صحيح والحالة السياسية الداخلية لا تسمح بقبول فكرة التقادم، لكن لا يوجد أدلة مباشرة على أن الرسالة التي تقدم بها لمؤسسة القصر الملكي نحو 40 نائبا من باب الشكوى والتذمر قد تفتح المجالي أمام سقوط الحكومة برلمانيا لأن إسقاط اي حكومة برلمانية لم يكن خيارا بالنسبة لمؤسسات القرار في ظروف الاسترخاء وقد لا يكون في الظرف المعقد الحالي.
التخلص من حكومة النسور الآن يعني الاستعداد للعودة إلى دائرة المشاورات البرلمانية التي قد تحتاج لعدة أشهر ومواجهة طموحات النواب الشرعية في الابتزاز السياسي والغرق مجددا في إشكالية «البديل».
لذلك لا تبدو منطقية تلك الاقتراحات التي تتحدث عن مشهد متقدم يتم فيه إسقاط حكومة النسور عبر بوابة البرلمان، خصوصا وأن الرسالة التي وجهت للملك عبدالله الثاني من النواب الأربعين للشكوى على حكومة النسور خطوة سياسية وتناكفية فقط لأن أصحاب الرسالة وبحكم عددهم كانوا يستطيعون فرض إيقاع حجب الثقة عن الحكومة بموجب الاستحقاق الدستوري.
الأرجح ان المخضرمين وراء الرسالة ومنهم رئيس المجلس الأسبق عبدالكريم الدغمي يعلمون مسبقا بأن التقدم بمشروع لحجب الثقة عن الحكومة قد ينتهي بتجديد الثقة فيها تحت القبة بحكم الموازين الحالية مما يعني حصولها على ورقة جديدة رابحة تطيل عمرها- نقصد الحكومة-.
لذلك يدعم الدغمي حصريا حالة الشغب على الحكومة، بعدما صرح بأنها لا تستطيع لو ترك المجلس بدون تدخل الحصول على ثقة 20 نائبا، وهو رأي يكشف ضمنيا بأن أجهزة الدولة تتدخل مع النواب لحماية الحكومة وهو ما أشار له الدغمي عموما مباشرة وبدون مراوغة سياسية.
في قياسات العديد من أعضاء البرلمان مثل محمد حجوج الأجواء السياسية والبرلمانية قد لا تساعد في التحدث عن إقصاء الحكومة، وبالنسبة للمراقبين من خارج القبة غالبية التحركات المضادة للنسور في مجلس النواب ليست منسقة أو مبرمجة وتنطوي في بعض الأحيان على مناكفات ذات طابع شخصي أو مناطقي.
لكن في المقابل وجود جسم برلماني يمثل نحو 30% من أعضاء المجلس في الاتجاه المضاد للحكومة يمكنه أن يزعزع استقرار العلاقة مع الحكومة ويلحق الضرر بها لو تميز بالجهد المنهجي والمتواصل فيما يعتبر اللجوء لرسالة شكوى للقصر خطوة غير مؤثرة في بنية مسألة تواجد الحكومة من عدمها، خصوصا ان النسور تحدث أمام «القدس العربي» عن احتمالية التقدم بقانون مهم للغاية مثل قانون الانتخاب للمجلس إذاسمحت ظروف الدورة الاستثنائية الحالية.
في المقابل لا تستقر تجربة التكتلات البرلمانية حيث لا توجد «قوة كتلوية مركزية» اليوم في المجلس بعد «تصدع» الائتلاف الذي ضمن للنسور الثقة وقفز برئيس المجلس عاطف طراونة إلى سدة الرئاسة، بعدما شهد الائتلاف استقالات وانسحابات دون وجود جدار كتلوي مركزي في المقابل يتحكم بالمشهد التشريعي.
في المقابل، ولأن عمر الحكومات «قصير»عادة في الأردن، يلحظ المراقبون أن حكومة النسور تتصرف في بعض المحاور على أساس انها «تقادمت وشاخت» في الوقت الذي تواصل فيه استثمارها في مساحة الفراغ التي تدلل على عدم وجود بديل.
القدس العربي