الصراع الدائر حالياً حول قرار مجلس التعليم العالي برفع الحد الأدنى لمعدلات القبول، و"التسريبات والإشاعات" حول التوجه نحو تقليص الاستثناءات ما هو إلا انعكاس لصراع أكبر داخل أروقة النظام.
الحلف الطبقي الحاكم الذي يشعر بالارتياح بعد أن مرت عاصفة الربيع العربي برداً وسلاماً عليه، عادت الصراعات بين كومبرادوره وبيروقراطه للظهور مرة أخرى بعد أن ساهم الحراك في توحيدهم مدة ثلاث سنوات لمواجهة عاصفة التغيير في الوطن العربي، وما شهدناه من مشادات واتهامات وقصف متبادل ما هو إلا إعلان بالعودة إلى مربع ال2010، تلك السنة التي شهدت أوج الصراع بين أطراف الحلف الطبقي الحاكم.
استوقفتني هذه الحدية في مواجهة قرار رفع معدلات القبول، واستوقفتني الردود المدافعة باستماتة عنه. بالتأكيد قرار كهذا خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن تم تنفيذها -كجزء من خطة حكومية متكاملة وليس كقرار مجتزء- ستساهم في رفع مخرجات التعليم والارتقاء به. إلا أن ما رافق هذا القرار من جلبة جعلني أطرح مجموعة من التساؤلات:
لماذا ابتدأ مجلس التعليم العالي بقرار رفع معدلات القبول ولم يواجه القضية الأهم وهي قضية تمويل الجامعات الرسمية؟؟!!
لماذا قامت الدنيا ولم تقعد لمواجهة قرار رفع معدلات القبول، في المقابل لم نسمع صوت هؤلاء أو كتاباتهم أو تقاريرهم أو استجواباتهم للوزير على خلفية رفع رسوم الدراسات العليا والموازي في الجامعة الأردنية؟؟!! بل إن بعضهم تنطح للدفاع عن قرار إدارة الجامعة آنذاك.
لماذا خاضت وتخوض حملة ذبحتونا معركة رفع الرسوم وحيدة فيما كان مجلس التعليم العالي يكرس في استراتيجيته رفع الرسوم للأربع سنوات القادمة، وأعضاء في مجلس النواب يباركون خطوة رفع الرسوم؟؟!!
من هو المتضرر من قرار رفع معدلات القبول ومن المستفيد من رفع الرسوم الجامعية؟؟!!
والإجابة عن التساؤل الأخير ستساعد المتابع لشأن التعليم العالي معرفة حقيقة هذه الجلبة المصاحبة لقرار رفع معدلات القبول.
نعم البيروقراط متضرر من هكذا قرار لأنه "سيخفف" بالحد الأدنى من سطوة الواسطة والمحسوبية على القبول الجامعي. ونعم الحلف الطبقي الحاكم بكومبرادوره وبيروقراطه مستفيد من قرار رفع الرسوم الجامعية، لذلك لم نسمع صوتهم وصوت أتباعهم في ملف الرسوم الجامعية، في المقابل سمعنا وسنسمع من الآن فصاعداً صراخهم و"مناكفاتهم" في ملف معدلات القبول والاستثناءات.
في الختام، الحلف الطبقي الحاكم غير معني بملف التعليم العالي إلا بالقدر الذي يستطيع من خلاله تمرير مصالحه وتنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي، لذلك على المواطن أن يراهن على نفسه وعلى إرادته وإرداة فقراء هذا الوطن بالتغيير ولن يفيده كومبرادور أو بيروقراط يبحث عن منفعة شخصية هنا أو زيادة نفوذ هناك.