ارجوا أن يتسع صدر الكاتب لنبدي وجهة نظرنا بمشروع لا نعلم من صاحبه و من خلفه ، لأن الانفعال و التشكيك الزائد بقدرات الدولة وشعبها وقيادتها و طرح الأسئلة و الاجوبة الافتراضية من قبل الكاتب قد تُشير الى شيئٍ ما ، و مع ذلك و رغم رفضه بسماع رأي مخالف ، وبرغم مما طرح من أوصاف لا تليق ، و ربما سيكفرنا بعد فراءة ردود مخالفة لتعاليمه على طريقة داعج .
نعلم أن ما طرح هو فخ يُنصب للأردن ليُفجر المنطقة ويدخلها في قلاقل وحروب واتساع نطاق الكراهية و الاحقاد الطائفية داخل دولها . و هذا ما يدفعني أن أبدأ بتأكيد المؤكد ، نحن نعيش على أرض المملكة الاردنية الهاشمية بحدودها المرسومة و المثبته دولياً ، ومتفق عليها مع دول الجوار في السراء و الضراء ، متمسكين بأخلاقنا و قيمنا و المبادئ التي تربينا عليها بإحترام الجار و اغاثة الملهوف و حماية الوطن من كل متربص خائن، و لا نقبل بنظام غير نظامها و قيادتها ( حتى لو وُصفت عند العض شعارات ) ..
نعم ، أن الأردن لم يتورط في العبة المذهبية، ولا كان يوماً عنوانا لها ، وأن القيادة الهاشمية ، كانت جامعة، لكل المكونات الدينية و العرقية و المذهبية، و سيبقى الحضن الدافئ لكل مستضغف و مضلوم ، فلماذا الآن الرغبة بتوريطها ..
و هنا ساقتبس من مقال الكاتب هذه الفقرة .. "مناسبة الكلام ما نسمعه من تصغير لاكتاف الاردن هذه الايام، في سياقات الكلام عن ان الاردن غير قابل للتمدد شرقا او شمالا او غربـا، برأي البعض الذي يظن انه يخطط لدكان صغير وليس لدولة، ويرى هؤلاء ان الدولة السياسية الاردنية ضعيفة بالكاد تؤمن رواتب موظفيها، فلماذا تتمدد، ويأتينا بعض آخر ويقول ان الاردن سيكون «رأس حربة امبريالية» في اعادة صياغة وجه المنطقة .. انتهى الاقتباس ..
نستغرب هذه الاسئلة و الاجوبة الافتراضية ، فلا يوجد و لا عاش من يُصغر اكتاف الأردن ، و لم نقرأ أو نسمع عن نوايا اردنية للتمدد شرقاً أو غرباُ أو شمالاً ، و لن تُفكر القيادة السياسية بهكذا تخيلات و خزعبلات ، حتى يُقال ان الاردن سيكون رأس حربة امبريالية ، الا ما جاء في مقال الكاتب المحترم ، و الأردن لم يُفكر يوماً بالتوسع على حساب الاشقاء واحتلال اجزاء من اراضيها ، ولن يكون الا عوناً لهم ، ليس ضعفاً أبدا ولا قلة حيلة ، بل مبدأ و بُعد نظر لدى قيادته و شعبه ، فهل من المقبول حسب المشروع الذي يُسوق ، بأن تحتل تركيا شمال سوريا و لبنات تقضم غربها و ايران تسطو على العراق و هل أصبح نحكم العالم شريعة الغاب ولا ندري ..
صحيح أن الحدود قد رسمها سايكس و بيكو ، و نتمنى زوالها من المحيط الى الخليج و إعادة وحدتها ، و لكن ليس بالسطو و الاحتلال ، فليس من حقنا الاعتاء على الغير ولا من حق الغير الإعتداء علينا ، و من النذالة أن يُستغل ضعف الشقيق و الصديق ، كذلك فإن الأردن عندما استقبل اللاجئين من دول الجوار العربية ، لم يكن يخطط للتوسع على حساب هذه الدول مقابل استقبال اللاجئين ، فهو بلد لا يفرط بحقوقه بالوقت الذي يحترم الجار و الشقيق و حضاري و مبدأي بحرصه على الالتزام بالقانون ، و سعى دائماً لتعزيز صداقاته و مصداقيته في العالم أجمع ،.
وأما بالعودة الى الحدود المصطنعة ، فلا يوجد خلافات بين الدول المتجاورة على ترسيم الحدود ، الا مع اسرائيل المغتصبة للأرض العربية في فلسطين ، فهل نستسلم للضغوط و نوافق على ما يُفرض من حلول للقضية الفلسطينية على حساب شعبها الجريح ، مقابل ضم فتات ما تبقى من فلسطين ، ويُحرم شعبها من حقوقه التي اُعترف بها و اقرتها الشرعية الدولية ، و تريد الآن التخلى عنها ، و الدوس على تضحيات شهدائه وعذابات من تشرد من شعبه .
واعود"واقتبس هنا" ان التوصيف الوظيفي لدول المنطقة قيد التغيير بإرادة الاقليم والعالم، ولا يمكن ان يستمر الاردن السياسي بذات توصيفه الوظيفي القديم، فهو اما ينتهي لا سمح الله، واما يعيد تجديد توصيفه الوظيفي .. انتهى الاقتباس .
أخي الكاتب المحترم ، الأردن ليس لعبة بيد دول الاقليم و دول نافذة حتى تتغير و ظائفه كما أشرت ، الا إذا كنت تفترض وجود وصي على الاردن بُحدد و ظائفه ، عزيزنا ، الأردن دولة لها مقومات الدولة العصرية وفيها شعبها و لها قيادتها ، و ليست شركة ليُعاد و صفها الوظيفي ، وليس من حق أي جهه تحديد و صفها وصفاتها الا شعبها ، و سيبقى الأردن لؤلؤة الأوطان في نظرنا، مهما كانت الضروف و التقلبات و الصعاب ،
و هنا أعود لأقتبس "إنه مستهدف ووضعه صعب ومعرض للتخريب و الزوال السياسي لا سمح الله أو اشهار نفسه بوجه جديد للسنة" انتهى الاقتباس ،
لا يا أخي ، الأردن استقبل كل الطوائف و الاديان و الأعراق و ليس السنة فقط ، و بقي امناً مستقراً رغم المحيط الملتهب ، بفضل بالله القادر على حفظه من الزوال ، و قواته المسلحة و أجهزته الأمنية القادرة على دوام أمنه و استقراره ، الذي لن يتزعزع مهما شكك المشككون ، و ستُقطع اليد التي تمتد بأذى و لا يُريد بالأردن خيراً ، و سيبقى محافظاً على ثوابته و قيمه و ثقافته و موزييك تنوع شعبه ، الذي احترمنا العدو قبل الصديق لتمسكنا بها..
اريد أن اختم بأن المملكة الأردنية الهاشمية ضمن حدودها ، متمسكة بمبادئها و أخلاقياتها التي لن تتغير ، رغم ما تواجهه من اساءات أبناء جلدتها و ظلم ذو القربى ، و أثبت الشعب الأردني أنه صبور كصبر أيوب على مدار التاريخ ، و لكن لا يصبر على الظلم ، و لا يتخلى عن مبادئة و احترامه لذاته مهما كان الثمن ، وليس مقابل بشحنة قمح كما يقول ، و أيمانه بالله أولاً القادر وحده على بقائه و حفظه ، و بقيادته و إرادة شعبه ، قادر على أن يجتاز كل الصعاب و المحن بهمة لا تنكسر ..
حما الله الأردن و قيادته و شعبه، من المشككين بقدراته و المتربصين للنيل منه ..