صاحب الجلالة الشريف الهاشمي عبدالله الثاني بن الحسين المعظم
زاده الله عزًا وأحيا به مجدَ العرب آمين
أما وقد أطلّ علينا شهر الخير والبركة, شهر رمضان المبارك , فإنا نرفع لمقامكم السامي أسمى آيات التهنئة والبركات , ونسأل من لا يرد سائلا أن تحميك العناية الصمدانية , وأن يبقى الخير في ركابكم على المدى .
مولاي المعظم :
يا خيرَ ثمرة في خير شجرة نبت في الحرم , وبسقت في كرم , مستقركم خير مستقر , ومنبتكم أشرف منبتٍ في معادن الكرامة , ومماهد السلامة , يا من صُرفت نحوكم أفئدة الأبرار , وثُنيت إليكم أزمّة الأبصار , بكم أُقيم انحناءُ الظهر , وأُذهب ارتعاد الفرائص , يا من أقمتم العربَ على سَنَن الحق في جوادّ المضلّة , حيث كانوا يلتقون ولا دليل , ويحتفرون ولا يميهون , وقد أنطقتم للعرب العجماء ذات البيان , كيف لا ومحلكم من العرب محل القطب من الرحى ينحدر عنكم السيل ولا يرقى إليكم الطير .
مولاي المعظم :
لم يحدثنا التاريخ بأمة استخارت الله , فوثبت إلى توطيد دعائمها وإحياء معالمها , فاستلت السخائم وانتبذت الأحقاد , إلاّ وأفلح مسعاها وحُمدت سراها وانقادت لها أعراف الأماني , وذلّت لها ناصية الرغائب , فما أسعد البلاد التي ينعم الله عليها من يفرج كربتها إذا استحكمت حلقات ضيقها , وما أسعد الأمة التي تعرف قيمة هذه النعمة الإلهية فتعض عليها بالنواجذ وتدافع عنها بكل قواها .
ولقد علم الخاص والعام أن هذه المملكة , أصبحت في مصاف الدول المتقدمة , وإننا لا نقول ذلك تقوّلا , ولا ندعي شيئاً بلا دليل , فلقد شهد الغرب والشرق ما لهذا البلد من نعمةٍ , حُقَّ له أن يفاخر بها الدنيا , ألا وهي نعمة الأمن والاستقرار , أجل فهذا وطن هاشمي , يستظل بظل النبوة , وأشرقت عليه شمس بني هاشم من مشرقها , ولن تغيب بإذن الله , يدرك ذلك البصير الذي يبصر بعينيه , والأعمى الذي يتحسس بيديه , وبذلك تعلقت القلوب الطاهرة بالعرش الهاشمي المفدّى بالمهج والأرواح , وحرصت الأسرة الأردنية على استدامة هذه النعمة , التي يسّرَها الله لها , ولذا فما من أردنيٍّ شهم نبيل , مهما كان مذهبه إلا وهو واضع نصب عينيه إنه أردني أبيّ وأنه خادمٌ لوطنه وأنّ الموت في هذا السبيل حياة , ولا غرو فإنّ هذا الشعب مطبوع على الاستقلال , مجبولٌ على الحرية , مولع بالمجد , عاشق للفضائل , وإن تنطّس المرجفون في غيّهم , أو تعالت أبواقهم على نحوٍ صائت ..... إنه وطن أردني هاشمي , ومن تاه عن المعنى ضاعت منه الهٌوية , ومن افتقد الدلالة , لم يستقم عنده تصوُّر ..... إنه وطن أردنيٌّ هاشمي , والنور لا ينسخ النور وإنما يؤكده , ولذا فانتماؤنا وولاؤنا , هو انتماء الأحرار وولاء الأبرار, فلا نعمل للوطن وفي الوطن على الرجاء , وإنما نعمل على الوفاء .
وأيمُ الله , لو جُمعت أسلاّت الألسنة واليراع , وبطون الكتب والرقاع , ثمّ تفجرت البلاغة من خلالها , وانضوت الحكمة تحت ظلالها , إلا كانت موسومة بطابع العجز والتقصير , عن شرح مالك في نفوس الأردنيين من مكانة ومحبة صادقة , ولو سُبكت من الذهب المصفّى , لما كانت أخلص جوهرا , ولو عُصرت من ماء المزن لما كانت أطيب عنصرا , أجل إنه وطن أردنيّ هاشميّ ..... إنه شعب أبيّ وآية من آيات المجد والفخار , ولا جرم ان الشعب الذي فيه مثل هذه الصفات , لن يذلّ ولن يضام , مهما حاول تجار الغش ومهما تواكأوا عليه وصمدوا له وأوغلوا فيه , فما هي إلا دورة فلك أو جولة دهر , حتى تنكشف السجوف عن حقيقة ما أوغلوا فيه , وجعجعوا له , بأصوات طبول ورقية فارغة , وإن سلكوا طرق ليلٍ مدلهم , إذ لا بدّ لليل أن ينجلي , ولا بدّ لمن سوّلت له نفسه أن ينقض على منجزات الوطن أو فَعَلَ , مِن أن تنكشف عورته وتظهر سوأته , فيصبح كالبعير الأجرب يتحاماه كل ذي حصافة وروية , وستدركه المنية قبل إدراك تلك الأمنية , وسيحاسب على ردته في الدنيا والآخرة .
مولاي المعظم :
يا وارثاً شهامة آبائه وشمم أجداده , يا واسطة عقد الفضائل , يا ابن السبطين , سلالة ولد عدنان , من تفخر بمزاياهم الأواخر على الأوائل , إننا نحن الأردنيين على يقين من أنكم يا مولاي ستفقأ ون عين الباطل وستسلون الحق من خاصرته , وردّه إلى أهله .
مولاي المعظم :
مما لا شك في ولا ريب , أن الأردنيين جندك الأوفياء , فهم حيث تريدون , وإن كان الثمن المهج والأرواح , ومهما تنطس المغرضون في بهتانهم , ومهما دسوا السم في العسل , إلاّ أن الأردنيين ماضون على الطريق الذي رسمتموه , طريق الحضارة والسؤدد , طريق المجد والتقدم , مهما كان حجم التحديات .
صاحب الجلالة الملك المفدى:
لقد تعلمنا في مدرسة الهواشم البررة , أنّ استيفاء شرط التكيف مع العقل المنتج لمفهوم المواطنة , وتأصيل الوعي الفكري الذي يقرر أنموذج التواصل بين المثقف والدولة , هما من متطلبات الوعي المعرفي بالتغييرات الجذرية التي يشهدها العالم , وإذا كان هذا هو الأساس لمثل هذا الوعي , فإن القوانين المؤقته التي تعلن عنها الحكومات الموقرة , تتجلى فيها حلاوة الرضاعة وتغيب عنها مرارة الفطام , ويظهر فيها لذيذ العاجل , ويبطن فيها كريهُ الآجل , فضلا عن التشكيل بحد ذاته ,وما اختلفت هذه الحكومة عن سابقاتها , فقد أرعدت وأبرقت ومع هذين الأمرين لم ير الشعب غيثاً ولا مطرا , وبهذا ازدادت مساحة الاضطراب عند المواطنين وبلغ الشك في الحكومة مبلغه .
مولاي المعظم :
إنّ أعناق الأردنيين تشرئب إليكم , وإنّ أبصارهم تطمح إلى هبّة مُضريّة تقوّم المعوج وتؤمّن الخائف , وتطمئن القلق , ولا جرم , فأنتم يا مولاي من تنصلون الحق من غيابة الشك , وتخرجون اليقين من ظلمة الغموض , وتردون كيد المكاشحين في نحرهم .
مولاي المعظم :
كم أنتم فريدون في هذا العالم فما أكثركم ,وكم نحن مأخوذون بلذة الانتماء إليكم فما أحوجنا لأن نبلغ موقعنا في شجرة العائلة الأردنية .
حمى الله الأردن وعاش الملك .
الدكتور محمود سليم هياجنه
hayaj64@gmail.com