لا أفهم معنى "قيمة عظمى مطلقة" و "قيمة عظمى محلية" ولكن ابنتي التي تقدم التوجيهي هذا العام شكت على وجه التحديد من هذا السؤال، والحقيقة انني أهملت الأمر واعتقدت انه التبرير التقليدي، حتى اتصل صديق بعد ساعة فقط ليقول لي إن استاذ الرياضات العريق والمرجع في هذا الشأن نجيب أبو الشعر أخبره أن هناك خللا في السؤال. وفي اليوم التالي كان الجميع يتحدثون في الموضوع وأكثر من استاذ للرياضيات يدلي بشهادته، ثم فوجئنا بتعليق معالي وزير التربية الذي ينفي وجود اي خلل.
أمس في جولة الوزير أعطى تصريحات كأنها تستدرك الاستعجال مبديا الاستعداد لمراجعة الأمر، ولم نفهم إشارته إلى اجتماع عقد في مكتبه بحضور مختصين، وماذا كانت نتيجته! فهو عاد يدعو اساتذة مادة الرياضيات الى "إحضار حجّتهم"! وأعتقد أن هذا ليس جيدا أيضا، والصواب أن يبادر الوزير فورا لطلب الأساتذة الذين اعترضوا، وقد ظهرت تصريحات بعضهم بالصحف، وعمل اجتماع لمراجع مسؤولة في المادة ليس بينهم من وضعوا الأسئلة. ويكفي ان يكون هناك غموض أو التباس ليفسر لصالح الطلبة. وقد قرأنا ان الاساتذة كانوا قد حاولوا فعلا نقل وجهة نظرهم للوزارة لكن لم يتم استقبالهم، وأثناء التصحيح احتج عدد منهم على السؤال وطلبوا سحبه لكن الوزارة أصرت على صحة السؤال.
واستثناء واضعي السؤال من اللقاء التقييمي هو لتجنب المكابرة والمناكفة وضمان الموضوعية، فحتما لا يحبّ من وضع الأسئلة ان يظهر مخطئا. ونحن نتفهم أن الخطأ ممكن إنسانيا، ولا يضير واضعي السؤال المأخوذ من مرجع مصري عتيق (وقد ظهر السؤال نفسه لكن مصحَحا في مرجع أردني أكثر حداثة)، هذا الخطأ؛ لكن طريقة الوزارة حتّى الآن ليست مريحة ويجب أن يبادر الوزير إلى إجراء. ولا أعتقد أن الأساتذه الذين شرحوا بالتفصيل المأخذ على السؤال لديهم أي مصلحة غير الحقيقة.
ويجب التذكير أيضا أن أي خلل أو التباس أو ازدواجية في التفسير أو الاحتمالات ينعكس أثره على عموم الامتحان من حيث هدر الوقت والجهد الذهني للطالب. وعلى سبيل المثال فإن سؤال العروض ( تقطيع بيت الشعر) في فحص العربي الذي تمّ الاعتراف بالخطأ فيه لا بدّ أنه أربك الطلبة وصرف من جهدهم وتركيزهم على حساب بقية الامتحان.
امتحان التوجيهي على العموم امتحان عادل لجميع الطلبة ولعله في بلدنا العزيز الشيء الوحيد الذي ما تزال العدالة والمساواة التامّة مكفولة فيه من دون تمييز، لكنه بالطبع ليس عادلا بحق الجميع كصيغة لتقرير مصير الطلبة المستقبلي في الجامعات، وقد حان الوقت لدراسة صيغة تربط بصورة أكثر عملية وموضوعية بين الثانوية العامّة والتخصصات الجامعية. ونأمل أن تكون هناك ترتيبات عملية فعّالة للمؤتمر الذي أشار إليه الوزير في شباط للخروج بصيغة محددة للتطوير.
jamil.nimri@alghad.jo