لقد حقق الاقتصاد الروسي في عام 2008 قفزة نمو موجبة وصلت إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي ، ولكن تداعيات الأزمة المالية أجبرت الاقتصاد في عام 2009 على التراجع بنسبة وصلت إلى 7.9% من ناتجها ، وربما أهم ما يعيق التنمية الاقتصادية الروسية الأزمة المالية وتداعياتها الدولية على أسعار المحروقات التي تشكل عصب الاقتصاد الروسي وذلك لكون أن ما يزيد على 60% من عوائد التصدير ناجمة عن النفط والغاز ، وربما أن قطاعات البناء والمطاعم والفنادق والصناعة التحويلية هي أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة المالية كما حدث في معظم دول العالم بسبب عولمة هذه القطاعات أكثر من غيرها .
مازال يركز أحفاد لينين و ماركس وستالين على استراتيجة الاستثمارات الضخمة (استراتيجية الدفعة القوية) وإن كان هناك بعض التحول في قوانين السوق والتشريعات التي تحكمه خاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية لصالح السوق الحرة التي تحكمها آلية السوق ، حتى أن نطاق الاستخدام تجاوز الحدود المحلية إلى التعاون الدولي الذي أصبحت تحكمه قواعد الرأسمالية والإمبريالية الأمريكية .
لكن مازال الاستخدام الواسع للتكنولوجيا في الاقتصاد أحد أبرز عناصر النمو الاقتصادي فيها ، وهو ما يطلق عليه استثمار الطاقات الذهبية في الاقتصاد ، بل أن روسيا تحاول جعل النمو في القطاع العسكري أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي في بقية القطاعات من خلال دعم النمو التكنولوجي العسكري على الصعيد المحلي ، وعلى الصعيد الخارجي اعتبرته مهم للحصول على العملات الصعبة ورافد مهم لميزان المدفوعات (تجارة الأسلحة ) .
الاقتصاد الروسي يحاول تحقيق مستويات إيجابية من النمو في الصادرات فمن نحو 200 مليون دولار في عام 2000 من المتوقع أن تصل عوائد التصدير إلى نحو 45 مليار دولار عام 2010 بسبب تكنولوجيا المعلومات وأنظمتها ، وهذا يعني أن هناك تسارع في تحقيق معدلات نمو إيجابية تشهدها الدولة ، وربما عودة الرئيس بوتين إلى سدة الحكم في منصب رئيس الوزراء ساعد على استقرار السياسات الاقتصادية المتبعة منذ توليه رئاسة الجمهورية ، والاستمرار في تنفيذ الخطط والمشاريع الاقتصادية الضخمة المخطط لها خاصة في مجال التسلح العسكري والبرنامج الفضائي والتكنولوجيا العالية .
تعتبر روسيا بلداً يمتلك علاقات متشعبة وثيقة الصلة من الصين وبعض الدول العربية التي تعارض السياسات الأمريكية في المنطقة ، وإن كانت روسيا ترغب في بناء علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة ، ولكن بنفس الوقت تحاول روسيا بناء فرص استثمارية في المنطقة العربية والحصول على حصة من السوق العربية تعادل ما كانت تحصل عليه قبل حرب العراق .
هناك الكثير من البرامج والأجندة الاقتصادية التي تحاول روسيا تنفيذها في المنطقة العربية وفي الكثير من الدول النامية على مستوى العالم ، فهناك برنامج مساعدات قوي تنفذه وزارة المالية الروسية كما أنها قامت بشطب الكثير من ديون الدول النامية ، وهي تسير في مقدمة دول العالم التي تقبل شطب ديون الدول الفقيرة حيث وصلت المبالغ التي شطبتها عن الدول الأخرى ما يزيد على 10 مليار دولار .
العلاقات الاقتصادية الأردنية الروسية مازالت دون المستوى ، والولايات المتحدة الأمريكية رغم برامجها الاقتصادية وأجندتها التي تنفذ في الأردن إلا أن مستوى المساعدات والمنح دون المستوى المطلوب ، وربما أن الأخيرة يجب أن تساعد على الأردن على تجاوز معضلته المالية وتقوم بالدور المناط بها الآن أكثر من أي وقت مضى .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com