التفاوض من اجل التفاوض أم!
عاطف عتمة
اعتقد أن مفاوضات السلام الإسرائيلية- الفلسطينية المباشرة ستدخل خلال الأيام القليلة القادمة حيز التنفيذ بعد كل الضغوطات التي تعرض لها محمود عباس وسلطته المخنوقة .. لكنها للأسف لا زالت عاجزة عن تلبية المطلب الأساسي للشعب الفلسطيني هو الدولة التي كان يحلم بها المرحوم عرفات حينما وافق على الدخول في مفاوضات السلام المباشرة قبل سبعة عشر عاما !
الرئيس عباس أكد للصحفيين قبل أيام في رام الله انه يتعرض \"لضغوط تفوق قدرة المرء على التحمل، لكن إيماننا بقضيتنا وحقوقنا يجعلنا أقوى في مواجهتها\" وفي موازاة ذلك يرد نائب الأمين العام للجبهة الشعبية عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبد الرحيم ملوح \"إذا كنا نتعرض لكل هذه الضغوط قبل الذهاب إلى المفاوضات، فكيف سيكون الأمر حينما نجلس مع الإسرائيليين بشكل مباشر؟\".
وأما الرأي العام الفلسطيني فهو منقسم على نفسه بين اليأس والإحباط والفشل والأمل بينما يقود ناشطون فلسطينيون حملة ضد خوض مفاوضات مباشرة من اجل التفاوض فقط ، إذ ان الحملة تعمل على تعبئة الرأي العام ضد الاستجابة للمفاوضات المباشرة بدون مرجعية واضحة تقوم على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، وبدون ضمانات لوقف الاستيطان بشكل كامل خاصة في القدس المحتلة.
وتذهب العديد من الآراء إلى ابعد من موضوع تفسير \"المفاوضات المباشرة \" على أنها الدخول في دهليز مظلم يجدول الأزمة للزمن بل يرى إن الضغوط الإسرائيلية والأميركية الحثيثة من أجل المضي في عملية سياسية مع الفلسطينيين تأتي للتغطية على عملية تحضير المنطقة لعملية عدوانية ستجري في الأشهر القادمة من هنا يؤكد الخبراء أهمية أن تنأى السلطة بالشعب الفلسطيني وقضيته عن المشاركة في أي عدوان قادم أو التغطية عليه خاصة أن الاشتباكات الإسرائيلية اللبنانية مؤخرا ليست بعيدة عن هذه التحضيرات.
واعتقد إن لدى عباس خيارات التمسك بمرجعية المفاوضات ووقف الاستيطان التي تحظى بدعم دولي كما \"بإمكان الرئيس الاستناد إلى إجماع الجماهير والقوى الفلسطينية الرافضة للمفاوضات\".
إن الأهم في موضوع الدخول في المفاوضات المباشرة والمؤشر على مصداقية الطرف الإسرائيلي والوسطاء هو تحديد إطار المفاوضات بطريقة تنطوي على مزيد من الوضوح والالتزام ، وتحديد الحل المطلوب ليتم الاتفاق عليها من قبل جميع الأطراف المعنية وأما عملية مفاوضات مباشرة إلى ما لا نهاية فهو أمر واضح يعني التسويف والمماطلة والهروب من الواقع وتبرير مزيدا من بناء المستوطنات . .
ثمة مؤشرات أخرى تدل على أن الضغط على الجانب الفلسطيني لخوض جولة جديدة من المفاوضات المباشرة دون أن تحدد أي مرجعيات مطلوبة وواضحة للوصول إلى سلام حقيقي يعيد الحقوق والأرض لأصحابها بل لمجرد التفاوض وإيهام الناس و حاجة إسرائيلية للتغطية على العدوان المستمر ضد الشعب الفلسطيني ولتضليل العالم بالرغبة بالسلام والاستقرار والرغبة الأميركية بتحقيق أي تقدم ولو كان شكلياً قبل انتخابات الكونغرس القادمة بأن ثمة تقدماً ما يحصل على المسار الفلسطيني وها هي طاولة المفاوضات والمصافحات التي ترافقها تؤكد ذلك.