لحية شعثاء، و شارب حليق، و دشداش يصل طوله إلى ما تحت الركبة بقليل و
صندل أو بابوج بلاستيكي أو جلدي يتلبس أقدامك، و طاقية صغيرة تستقر فوق
رأسك كالتي تُجلب أيام الحج و العمرة مع العائدين
هو كل ما يلزمك لتصبح شيخا أو حتى مفتيا لأقاربك و للحارة، وإن تحققت هذه
المعايير و المقاييس ضمنت بأن لا يتفوه أحد بكلمة واحدة أمامك و هو يعلم
بأنها لا تُسرك و ستجد بأن الجميع يهابك ويحترمك و سيجعلك من حولك موضع
ثقة و مرجعِ لأي فتوى تخص "شباب الحارة" أو الحارات المجاورة...
و في ذلك الوقت إن لم تعجبك أحاديث من حولك و لم تقحم الابتسامة على
الارتسام و التمدد فوق وجهك متى أردت ذلك أطلقت عليه رماح غضبك، و
افترشته بأدعيتك التي يعتقد بأنها محققة لا محالة، لأنه كما اخبره سابقا
أبو محمد صاحب الدكان الصغير في أول الحارة بأن دعواتك مستجابة و أن باب
السماء مفتوح لها، و الدليل على ذلك السيارة التي اصطدمت بذاك الشاب الذي
دُهس أمام عينيه من دعواتك..
هذا كله بغض النظر عن القرابين التي تُقدم لنيل جملة مباركة منك أو من
أولئك الذين يظنون أنفسهم ذوي مراتب عالية و عالية جداً.. فربما كانوا
رسلاً في يوم من الأيام " الله اعلم"!!
و بما أن الأوضاع المادية لديك قد انزلقت و تدحرجت ومن ثم انكسرت فستنهال
عليك الكثير الكثير من المساعدات المادية ممن هم حريصون على تأدية فريضة
الزكاة، فأنت بنظر الجميع أحق من غيرك كونك إنسان صالح جداً كما يظهر ذلك
من "ستايلك"...
...... هذا كله خارج الغابة.. أما داخلها أقصد البيت فأنت الأسد الذي قرر
بعد زواجه بأسبوعين تقريبا بأن يعرض قواه الجسدية على عصفورته المكسورة
الجناحين و التي لا حيلة لها غير الزقزقة إلى يوم الفراق، " أي موت
أحداهما" فهو، أي أنت لا تُطلّق كما تقول عادة حتى لو توقفت الأرض عن
الدوران...
أما زلت متعجبا أيها القارئ نعم فصوت المرأة أمام صوت الرجل عندما ينفعل
و يهيج هو "زقزقة" أما زلت لا توافقني على ذلك؟!! أنسَ الأمر ليست هذه
مشكلتنا...
و تلك المسكينة عندما يعود إليها آخر النهار لا يريد لأحد أن ينظر في
سحنته المميزة لا من القرود كما يدعوهم أي" أولاده " و لا من وجه النكد "
زوجته" و طبعا إن حاولت أن تستأذنه الذهاب بعد أسبوع لزيارة أختها الكبرى
والتي أنجبت منذ مدةٍ لا تقل عن شهرين و نصف تقريبا هذا و بعد تجهيز
العشاء و حمام ماء ساخن و ما إلى ذلك من المقدمات التي تسبق الحديث
بالموضوع
يبادرها بنظرة لا تفهم معناها و من ثم يأمرها بان لا تذهب إلا مع والدته
و أخواته، نعم فلأخ يغار عليها و يخاف على سمعته لئلا تشوهها بنت الناس
أما أخواته فهن لا يخطئن على حد قوله لأنهن "مربيات" وإن تجرأت يوما على
طلب الخروج إلى السوق لشراء بعض الحاجيات انهال عليها ضربا و اتهامات
بالفجور و الفسوق فهذا في نظره حرام شرعا..
و إلى ما ذلك من الأحداث التي لا تنتهي و التي ينادي بها الزوج بعدم ثقته
بالمخلوقة "زوجته" و الخوف على سمعته لئلا تدنسها هذه التي لا يعرفها حتى
بعد عشرة أو عشرون عاما من زواجهما و ثقته اللامتناهية التي يمنحها لكل
من في الكون إلا تلك المسكينة، و من جهه أخرى فهو يحمل جواز سفر من نوع
آخر فيطبق كل ما بريده و يتفلسف و يستنبط كما يريد فهو شيخ كما يناديه
الجميع لكنه لا يعلم من الدين إلا أن للذكر مثل حظ الأنثيين و أن الرجال
قوامون على النساء و أن حواء هي من أخرجت آدم من الجنة فهي المذنبة و أن
الرسول صلى الله عليه و سلم لو كان آمرا احدا أن يسجد
لأحد لأمر الزوجة أن تسجد لزوجها لكن لا يعلم بأنه عليه السلام توفي و
هو يوصي ، رفقا بالقوارير و بأنه قال: خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم
لأهلي، و أن المرأة كان لها دور أساسي في الحياة قبل 1400 سنة فشاركت
بالحروب و ألقت الشعر و ما إلى ذلك، لا ، فهو يعلم و يطبق ما يراه هو
مناسبا لفكره المتراجع يوما بعد يوم و يردد دائما: (من لا يعجبه كلامي
فليفنى، أستغفر الله، أستغفر الله)
ملاحظة: أنا في مقالتي هذه لا أعترض أو أنافي الأشخاص اللذين يلبسون
اللباس الذي ذكرته في أول مقالتي و ليس الاعتراض عليهم أو على طريقة
لباسهم
لكني أناقش موضوعا عن فئة أراها كثيرا من حولي يتخذون من هذا اللباس
طريقا لما يريدون، قد يعجب البعض منكم أو يخالفني الرأي و يقول بأن فئات
كهذه لم تعد موجودة، لكن ثق عزيزي القارئ بأني لا أطرح مقالاً أعرض فيه
مشكلة إلا عندما أكن متأكدة تماما بوجود هذه الفئات من حولنا و قد تعاملت
معهم شخصيا و أنا أطرح هذه العينات وهي ليست تعميم بل أريد أن أوصل لك
بأن هناك فئات نرجو أن نعلم جيدا كيف نعاملهم و أن لا نترك لهم زمام
الأمور ليفتوا كما يشاءون و يجعلوا الدين جواز سفر بأيديهم .
مريم القرعان