التقيته في ردهة أحد الفنادق التي اتردد عليها في دولة عربية وهو ألماني ابدى إهتماما في فتح حديث معي، على أساس اني عربي يتحدث بلغتهم، وقد استهل حديثه معي معبراً عن إستيائه من الإنتقاص من حقوق المرأة وهو المفتاح الذي الذي يفتح الشهية للحديث عند البشر.
وما ان ارخيت سماعي لحديثه عن ظلمنا نحن العرب للمرأة، استرسل للحديث عن حقوق الإنسان وكيف هي مهضومة عندنا وشرع يحدثني عن حقوق المثليين واستشهد برواية عن أب قتل ابنته عندما عرف بأنها مثلية Lesbian أو سحاقية، أي انها تمارس الجنس مع بنات جنسها وليس لها رغبة بالرجال. أوليس هذا من حقها، والكلام للألماني إياه.... فلما يمنعون الحب بين الناس، اوليس من حقها أن تعيش وأن تتزوج ممن تحب!!!
اسندت ظهري وعدّلت جلستي، وقلت له اسمع يا هذا (بالألماني طبعاّ) الا تدرك انك تتحدث عن حقوق الإنسان بمعزل عن الظروف الموضوعية في كل من المجتمعات التي انت قادم منها وهذا المجتمع الذي تحل ضيفاً عليه ولا تنفك تنتقد رفضنا للمثليين بسبب معتقداتنا وعاداتنا، والتي تتعارض برأيك مع حق الرجل في معاشرة صديق، وحق المرأة في مشاغلة جسد صديقة، فهل فكرت يوما في السبب في هذا الإختلاف بين ثقافاتنا، بغض النظر من منا على خطأ ومن منا على صواب.
أنتم تتحدثون عن جزئية من حقوق الإنسان وتسلخوها عن منظومة القيم الإنسانية التي تستوجب إحترام النفس البشرية وعدم تشريدها من موطنها، وعدم إغتصاب أراضي الناس بالقوة أو سرقة ثرواتهم الطبيعية أو حتى اسرهم كعبيد وبيعهم في سوق النخاسة كما فعلتم في افريقيه وغيرها.
هل تابعت يا خَول، ولن اعتذر عن مناداتك بالخول Gay أو شفول بالألمانية لأنك اعترفت لي بذلك وأنت لا تخجل من ذلك، هل تابعت على التلفاز الأنسة أشلي بنت الرئيس الأمريكي السابق كلينتون وهي تترأس منظمة لحماية الفيلة من القتل في غابات إفريقيه، وهي نفسها القارة التي عثتم فيها فساداً وما زالت مرتعاً للشركات العابرة للقارات التي تسرق ذهبها ونحاسها ومياهها ونفطها وإنسانها، أوليس من الأجدر الحديث عن الإنسان الأفريقي المعدوم قبل الحديث عن أنياب الفيلة والرأفة بالأسود.
ألم تستعمرون بلادنا لعقود وتنهبون خيراتها وكنوزها، وها انتم قد عدتم بعد ان استشعرتم بأن العرب قد باتوا قادرين على التصنيع والزراعة، كما هم قادرين على الحب في إطار ما يتماشى مع عاداتهم ومعتقداتهم.
الم تضعون الخميني في العام 1979 في طائرة كونكورد، وفرشتم له جاعد يناسب جلسته على أرض الطائرة لتزرعون بذرة الفرقة بين المسلمين وتقسمونا شيعاَ وطوائف. لا تقل لي بأن حقوق الإنسان في بلاد ولاية الفقيه افضل منها في زمن الشاه.
الم تمولون صدام حسين لمواجهة إيران لثماني سنوات صرفنا فيها ما يمكن ان يضع علمائنا على سطح القمر، وما ان انتهيتم حتى دخلتم العراق وحللتم جيشه لتسود شريعة العصابات والمرجعيات وينشغل فريق من الناس باللطم على ما كان، بينما ينتحب القسم الآخر على ما سيكون. قل لي يا خول، بلاد تسبح على بحر من النفط والغاز ويغذي اراضيها نهران عظيمان، كيف لها ان لا تعرف الكهرباء الا لسويعات في اليوم وان ينام اطفالها جياع وشبانها تائهين بين المِلل ونسائها ملتفحات بسواد فعائلكم.
اتتهمني أنا .... استغرب الألماني، لا يا هذا... انا احاكم الثقافة التي اتيت منها، وهي رزمة واحدة لا أقبل ان تعظني بجزئية منها قد اتفق فيها معك على حق المرأة بقيادة السيارة، ولكني ارفض ان اناقش هذا المنطق الذي يجتزأ الأمور، فإذا رغبت بالحديث عن الحقوق، فدعنا نتحدث عن حقوق الناس الذين شردوا من سورية بسبب سياستكم، وعن الأطفال الذين قطّعت اوصالهم في غزة، وعن المسيحيات اللواتي اخذن سبايا ويغتصبن مراراً وتكراراً بينما تتحدث انت ووزيركم الخول عن حقه في الزواج من ذكر.
الأخلاق رزمة واحدة لا تتجزأ، والحقوق كذلك، فكلامك مردود ومجتزأ، وإن كنت حقاً تسعى للتنوير وإشاعة مبادي حقوق الإنسان والحفاظ على الفيلة وأنيابها والغزلان وقرونها، تذكر بأن التغيير يبدأ من عندكم حينما تنتجون ساسة عقلاء لا رؤساء مافيا تسعى لإفراغ قنابلها على رؤسنا وتفرغ جرعات مخدراتها في انوفنا.
على كل حال، سيرتد السحر على الساحر، وستصبحون أقلية في بلادكم التي يندر فيها رؤية الأطفال الذين هم نتاج علاقة طبيعية بين رجل وإمرأة، وحتى لو اقنعتني بإمكانية الإنجاب بدون رجل من خلال الإستنساخ، فهذا العالم ليس لي، وأفضل ان اكون رجعي على ان أكون خول، ومعي كثيرين والحمد لله.