كم اشتقت إليكم هذا العام
اشتقت لأولادكم واشتقت أكثر للصيام معكم
هل مقعدي بات بطي النسيان متكسر ومهمل بالركن العتيق
هذا العام ليس ككل الأعوام ؟؟؟
فنحن أبائكم وأمهاتكم مقبورون هنا ببيت العجزة وصامدون
بيت انتظار الموت المشرف من اضطهادكم يا لغدركم المدمي المعصمين
با لتلك الساعة المجنونة فأنا الآن مشتاقة لتقبيلكم بشهر رمضان
هل نسيتم والديكم وهل كذبتم على أولادكم بموتنا منذ عام
يا لقلبكم المتحجر..... وهل لهذا العيد نكهة أو فرحة هذا العام
ملابسنا ما زالت هناك . ومزروعاتنا ما زالت متعطشة..... سقايتكم
صورنا وذكرياتنا وسجادة صلاتنا ما زالت هناك بانتظارنا
أذكر أولادكم عندما كانوا يمرحون ويلعبون بأحضاننا الدافئة
وأذكر صحياننا وتضحياتنا والسهر... يا لعيوننا التي أصبحت لا تنام
أنسيتم من نحن ....الأم والأب
نحن الذين سلبت منهم كرامتهم وعزتهم وشيبتهم ونحرتم بقايانا وحكمتم علينا بالمؤبد
أنا التي لا تشرب ولا تتعب لتنام عيونكم عندما تتعب
أنا الذي حرمت نفسي من لذات الدنيا لتكملوا تعليمكم
أنا التي عشتم بأحشائي وقذفتم بحبلي ألصري إلى مقبرة النسيان
أنا الذي حماكم من شرور الدنيا ورويت لكم القصص الخيالية
أنا التي منقوش على جسدها تشققات الحمل منذ أزمان
أنا الذي كنت أروع إنسان وكنت طائرتكم وأجنحتكم السحرية
أنا التي أرضعتكم لأكثر من ستون عام
أنا الذي أفنيت عمري بعملي وظيفتين لإسعادكم
تخجلون اليوم منا ومن عجزنا
أنسيتم كم كنا نعتصر ونحتضر ونفتخر وننتصر بكم
أنسيتم كم كنا ننتظر ونصبر على أسئلتكم
أنسيتم الوصايا أنسيتم الخطايا فنحن ما زلنا نحبكم
وندعوا لكم كل دقيقة وبعد كل صلاة بطول عمركم
وسعادة أطفالكم ورضاء نسائكم ونجاح أعمالكم
كم كنا وكم كنتم أين السبيل الآن لاسترجاعكم
خوفنا عليكم من الله ...بدوننا لن يبارك لكم برزقكم
ما زالت دموعكم على أكتافنا المتعبة
وما زالت ضحكاتكم تدوي بجوفنا وبأذهاننا
لا تقسوا علينا الآن أكثر من الأزمان الغادرة
سيوفنا ما عادت سيوفنا قد خاننا العجز وقلة الحيلة الآن
فنحن نعد الدقائق فهل يوجد عندكم الثواني لزيارتنا هذا العام
يا من حرصتم على إخفاء ملكية المكان الذي به تسكنون
وجعلتمونا نوقع لكم بالتنازل عن كل شيء...وهل هذا هو جزائنا
أن تنفونا وتستوطنوا مكاننا وتستعمروا غرفتنا لخادمتكم
يا من أعطيناكم كل شيء فهل متبقي عندكم أي شيء
وهل البركة ما زالت تسكن بيوتكم نشك في هذا
يا من حرقتم كل القوانين وأخفيتم كل الأوراق الثبوتية
واتهمتمونا بالخرف والعجز والجنون المبكر وحرمتمونا من الراحة ومن المشي أمامكم
فكانوا أولادكم يلتقطونا لآخر نفس ويشدون على أيدينا ونشتد بهم
فنحن نموت كل يوم بدونهم نحن بحالة موت سريري... نستفيق فقط عند حضورهم
يا من أخفيتم أجسادنا بإدخالنا بيوت العجزة
يا من اغتصبتم سعادتنا وتعبنا وصبرنا هل هذا هو أجرنا
يا لسخرية القدر...كيف لكم باحتضان أولادكم الآن
يا من تعفرتم وتشيطنتم وتسلقتم على أكتافنا
أنسيتم اليوم بأننا ما زلنا نشتاق لكل الصيحات والضحكات
أنسيتم عندما كنتم تمرضون وتسخنون وتستفرغون وتنسهلون
ماذا أنتم اليوم فاعلون قد مشينا عراة حفاة لتلبسون وتنعمون
كنا نسرق المرض والعجز منكم حتى لا تقهقهون وكنا مظلتكم للأربع فصول ألا تذكرون
يا من سخرتم من صمتنا وعجزنا أنسيتم بأن دوام الحال من المحال
وأنكم ستكبرون وهنا حتما أنتم قادمون يا من تملصتم من عفة أخلاقكم
لم نكن نعلم بأنكم استبدلتم الحليب والحب والعطف بحليب الثيران الناطحة الغادرة القاتلة
فنحن منكم وأنتم منا بدوننا لا توجد جنات ولا بركات على الأرض
نحن اليوم ننتظر الموت بملابس بيضاء نقية نقاء الثلج الأبيض
وهل سيغضبكم موتنا وهل سترتدون الثياب السوداء
أشك بأنكم ستأتون ولكن ربما تقرئون الخبر بالصحف اليومية
سيقبل الموت وستقبل ظلاله اليوم أو غدا أو بعد غد
أقبلوا علينا اليوم وأكسبوا رضانا
فغدا لن تقبل دموع ولا ندم
ما زلنا نحتفظ بملابسكم الطفولية
هناك...بصناديق الذكريات
كنا قد أخفيناها لنفاجئ أولادكم
أكلتها الفئران قبل قليل
أشتم رائحتكم وألتمس عذركم اذا كنا مزعجين
من ها هنا .....من بيت عجزنا ومن سجننا..... نقول لكم
يا من قسوتم علينا...سامحكم الله
الله يرضى عليكم...سامحناكم اليوم
ليس إلا...فالوالدين لا يغضبوا على أبنائهم
ولكنا عاتبين عليكم لعدم زيارتكم لنا هذا العام
غدا أو بعد غد... تكونوا بنفس المكان
فأنتم زرعتم اليوم هذا ... فغدا أولادكم سيحصدون زرعكم الأصفر
إلى أعظم الآباء والأمهات لكم منا اليوم كل الحب
يا أيها الراقدون المنزرعين هناك...سيكون هذا العام أجمل الأعوام
ترقبوا زيارتنا غد أو بعد غد... فنحن منكم وأنتم منا...
كل عام وأنتم بألف خير
يا أعظم وأحن وأروع والدين.
هاشم برجاق
17-8-2010