الصلاة عماد الدين وهي ركن من أركان الإسلام الخمسة وقد حثنا الله عز وجل على الصلاة في آيات عديدة بقولة عز وجل (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابآ موقوتآ) وقد أمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث عديدة في الحرص على الصلاة وعلى تأديتها في وقتها وهذا واجب حتمي على كل مسلم ومسلمة لقوله صلى الله عليه وسلم (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة), وما أجمل لو أديت الصلاة في المسجد مع الجماعة وما أجمل من صلوات السنة التي تريح القلب بالدعاء والإستغفار سبحان الله.
لكن حديثي هنا هل لنا أن نحكم على أخلاق الإنسان من صلاته أم لا؟ هل نحدد علاقتنا مع الإنسان من خلال صلاته أم لا؟ باعتقادي أن التعامل الإنساني له علاقة بالمعيار الأخلاقي ومعيار الصدق والطيبة والوضوح معيار التعامل الحسن , انني أتعامل مع صيغة بشرية وليس لي أي علاقة بهذا الإنسان ان صلى أو لم يصلي لإنها هي علاقة الإنسان بره لقوله صلى الله عليه وسلم (الصلاة هي صلة العبد بربه) وفي هذا أمر واضح بأن ليس لبشر أن يحكم تعامله مع الطرف الآخر على صلاته من عدمه فهي علاقة مباشرة وخاصة بين العبد وربه , والله عزوجل من سيحاسبه على صلاته وغيرذلك.
انني أتعامل مع انسان سواء كان مسلمآ أو مسيحيآ أو يهوديآ أو بوذيآ أو هندوسيآ أو أي ديانة أو معتقد آخر لايهمني ما يعتقد به ولايهمني مايؤمن به ولا يهمني ان كان يصلي أو لايصلي ما يهمني هو تعامله معي وصدقه وطيبته ووضوحه , فتعاملي مع الإنسان معياره كيف يعاملني , فتعاملي مع الإنسان الآخر تتحكم به الإنسانية من الدرجة الأولى ولا تتحكم به اي ميول عرقية أو دينية أو تاريخية أو لونية أو جنسية أو حتى جغرافية وأنظر الى سيد الخلق سيد الإنسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كيف زار جاره اليهودي عندما مرض , فهذا يدل على السمو الإنساني العالي فقال الله عز وجل واصفآ أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم (وانك لعلى خلق عظيم) , فما المانع أن نثق بانسان يستحق الثقة بغض النظر عن معتقده بغض النظر ان كان يصلي أو لايصلي وان كانت أمرأه بغض النظر ان كانت محجبة أم لا , مع العلم أن الصلاة يفترض أن تضفي الأخلاق الحسنة على من يصلي لقوله عز وجل (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) ويفترض بالمرأه المحجبة أن يفرض الحجاب عليها التعامل الحسن مع زوجها مع حماتها مع اخوانها بشكل عام مع المجتمع من حولها , واللذين يؤدون الصلاة كثر والأخلاق الحسنة منهم أيضآ كثر والمحجبات كثر والتعامل الحسن منهم أيضآ كثر لكن الأمر لايخلو ممن يسيئون لسمعة الدين الإسلامي وسمعة الحجاب هداهم الله , وخصوصآ في ظل الظروف المادية الصعبة مع العلم أنه قد يكون الغنى سببآ لإنحدار أخلاقي وممكن أن يكون سببآ لأعمال خيرية رائعة وكذا الفقر ممكن أن يكون سببآ للفساد الأخلاقي وممكن أن يكون سببآ للتمسك بالقيم والأخلاق الفاضلة فالغنى والفقر نقيضين في كلا الإتجاهين , وفي ظل الإنفتاح المفاجىء على العالم الخارجي والعولمة المفروضة بحيث أصبح العالم كله كقرية صغيرة فاختلطت اللغات والمعتقدات والثقافات والديانات وأصبح هناك خلطآ فكريآ عقيمآ ومتجددآ كل يوم مما جعل العاقل والجاهل في متاهة ففي ظل مثل هذه الظروف وغيرها يفترض أن لانضع صلاة الإنسان من عدمه معيار للتعامل معه بل صدقة ونقاء سريرته وصفاء روحه هي المعيار الأساسي في التعامل ومابينه وبين ربه نتركه لرب العباد.
وكي لايساء فهم مقالي هذا فانني أدعوا الى الصلاة بوقتها مع الجماعة وأدعوا الى الحجاب الشرعي الملتزم وليس حجاب الموضة وأن تضفي هذه الأمور على أخلاقنا وتعاملنا مع المجتمع لكن بالوقت ذاته أن لاتكون أساسآ لحكمنا على الطرف الآخر بل يجب أن تكون سببآ في أخلاقنا وصدقنا ونزاهتنا وعدم ايذائنا لبعضنا , وان كان في مقالي هذا غلط فأقول
(سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لااله الا أنت استغفرك وأتوب اليك)
فادي ابراهيم الذهـبي
اعلامي - جدة