زاد الاردن الاخباري -
بعد أن تنهي هبة معركتها من تحضير مائدة الإفطار وتوضيب المطبخ، تتسمر أمام شاشة التلفزيون لتبدأ معركة من نوع آخر مع زوجها في اختيار المسلسل المطلوب.
أما ذلك العراك الذي استمر نحو خمسة أيام، منذ بدء شهر رمضان، فنجم عنه قرار حاسم بجلب تلفزيون جديد لهبة حتى تشاهد مسلسلاتها المفضلة، بعيداً عن زوجها الذي يمتلك ذوقا مغايرا لذوق زوجته.
تقول هبة " زوجي يفضل المسلسلات التاريخية، وتلك التي تتناول قصصا من الأحياء السورية القديمة، مثل باب الحارة، بينما أفضل أنا الدراما المصرية، والدراما الخفيفة، على غرار مسلسل الحجة زهرة وأزواجها الخمسة "، مبينة أن اختلاف الأذواق هذا "مزق شمل" عائلتها، على حد تعبيرها، إذ أصبحت هبة تتابع مسلسلاتها المفضلة في غرفة نومها، بينما يجلس زوجها في غرفة الصالون لمتابعة ما يرغب على الشاشة الصغيرة .
وتقول " أولادي كذلك انقسموا بين من يرغب بمتابعة ما أتابعه وبين من يرغب بذوق زوجي، وهذا الفصل يحزنني، ولكني لا أستطيع متابعة المسلسلات التاريخية ولا أحبها على الإطلاق ".
وعلى خلاف هبة، تحرص عائلة سمير على اختيار مواعيد المسلسلات التي يتفقون على متابعتها مسبقا، ليتسنى لهم قضاء أمسيات رمضان معاً.
ويقول منير " قمت وزوجتي وأولادي باختيار عدد من المسلسلات التي نتابعها سويةً، بالتشاور، ونشعر بالسعادة الكبيرة حين نجلس معاً لمتابعتها "، مضيفاً أن عملية الاختيار تمت بمراعاة الأذواق المختلفة في عائلته، فكل فرد في العائلة أعطي فرصة اختيار مسلسل يفضله، مبينا أن الهدف الأساسي ليس متابعة المسلسلات، بل اللمة الجميلة بين أفراد العائلة.
بدورها وجدت سمية لنفسها حلا "مناسبا ومجديا" للمشكلة التي تواجهها خلال شهر رمضان في اختيار المسلسلات المرغوبة، فهي تملك ثلاثة تلفزيونات في المنزل، قامت بوضع أحدها في المطبخ لتتابع ما ترغب به أثناء تحضيرها لوجبة الإفطار، بناء على جدول صممته ليحوي أسماء مسلسلاتها ومواعيدها، ومواعيد إعادتها، وألصقته على باب الثلاجة، ليتسنى لها متابعتها من دون أي عوائق.
وتضيف "بهذه الطريقة اتخلص من المشكلات التي قد تنشب بيني وبين أفراد أسرتي".
والعراك على اختيار المسلسلات يعد من المشكلات الشائعة التي تواجه بعض العائلات، خصوصاً وأن الشهر الفضيل يشهد زخماً تلفزيونياً كبيراً من المسلسلات التي أنتجت لتبث خلال هذا الشهر، وموزعة على أكثر من قناة فضائية مفتوحة، وهي مسلسلات متنوعة تلبي معظم الأذواق، فمنها التاريخي، ومنها الاجتماعي، والكوميدي.
وفي ذلك ترى اختصاصية الإرشاد الأسري د.نجوى عارف، أنه ينبغي منذ البداية تقسيم ساعات السهر على أفراد الأسرة، فمثلا تكون الساعة الأولى لتلبية رغبة أحد الأبناء، والساعة التي تليها للابن الثاني، وهكذا، ولكن يجب أن لا يكون هناك نوع من "الدكتاتورية" على الإطلاق.
وتضيف أنه ليس من الصحيح وجود أكثر من جهاز تلفزيون واحد في المنزل، لأن من شأن ذلك أن يخلق جوا من التشتت داخل العائلة، علما أن الهدف الأسمى من كل ذلك هو "اللمة" و"الجمعة"، وبالتالي فإن احضار أكثر من جهاز لن يؤدي الغرض المطلوب، مبينةً أنه بعد تقسيم المواعيد، لا بد كذلك أن يشارك باقي أفراد الأسرة في الاطلاع على اختيارات الأشخاص الآخرين.
وتضيف عارف أنه، وبقليل من التنظيم، تتم تسوية الأمر، أما التشتت وخلق المشاكل فلن يصب في الهدف الرئيسي من رمضان، وهو تحقيق "الجمعة" المطلوبة، لافتة إلى أنه يتعين على كل رب وربة أسرة أن يقوما بتوفير طقوس معينة خاصة بعائلتهما في رمضان.
أما العشرينية رجاء، وبعد معاناة طويلة واجهتها مع أفراد أسرتها، وخصوصا إخوانها، على محطات التلفاز، نتيجة تعدد المسلسلات الرمضانية وعدم قدرتهم على الإجماع على مسلسل واحد لمشاهدته، فقد توصلت إلى حل قوامه الذهاب إلى بيت جيرانهم ومتابعة المسلسلات التي تفضلها هي، كون جيرانها يشاركونها الذوق "الدرامي" نفسه.
وتضيف " بعد الانتهاء من وجبة الإفطار، أقوم سريعا بتوضيب المطبخ ومساعدة أمي، ومن ثم أذهب مسرعة عند بنات الجيران لمتابعة المسلسلات التي نفضلها، كون إخواني يفضلون متابعة برامج مختلفة كليا عن التي أتابعها، وهو ما فجر بيننا كثيرا من المشاكل ما سبب إزعاجا لوالديّ، فأصبحا يريان في ذهابي عند الجيران مخرجا للجميع".
من جانبه يرى اختصاصي الاعلام د.تيسير أبو عرجة ان ما يحدث في إطار التنافس على متابعة الكم الكبير من الأعمال الدرامية "ظاهرة تستحق التوقف عندها لا سيما أن المشاهد لم يعد بإمكانه التركيز على هذه المسلسلات أو الاستفادة منها"، مبينا أنه مهما اتيح للمشاهد من الوقت لن يستطيع متابعة أكثر من عملين ولذلك فإن حجم الفائدة محدود".
ويعزو أبو عرجة هذا التنافس على عرض الأعمال في رمضان إلى "الربح المادي"، مبينا أن بث المسلسلات جميعها في رمضان وحجب الجديد منها بقية العام "يخلق تشتتا كبيرا في كثير من الأحيان كما أنه لا يصب في صالح المنتج والعمل وفكرته".
مجد جابر- الغد