كما أن هناك خيال ومجال للتخيل العلمي في الأفلام والقصص الأدبية, فأفترض أنه قد يوجد أيضاً شيء اسمه الخيال الاقتصادي؛ ذلك من خلال توقع أحداث اقتصادية تأتي بنهايات مثيرة تصلح بالنهاية أن تكون فيلماً سينمائياً أو مسلسلاً تفزيونياً.
وكما أن بعض الأفلام من الخيال العلمي قد يتحقق ويمسي حقيقةً بعد أن كان مجرد قصة من خيالية إبداع عقل بشري, مثالنا على هذا فيلم تم عرضه في مطلع القرن المنصرم عن مخترع شيد مركبة فضائية (ولم يكن عصر الفضاء قد بدأ ) وأطلقها من خلال مدفع عملاق نقلت أبطال الفيلم إلى القمر, وفي عام 1969 تحقق الأمر بالفعل وبشكل يطابق إلى حد قريب ما سرده مؤلف القصة.
وحتى يكون لي السبق, فسأسعى لتأليف رواية اقتصادية خيالية, سأجعل أبطالها من المجتمع المحلي, وسأنطلق بأحداث القصة من لحظة أن صرّح وزير الاقتصاد أو أي وزير آخر برفع الدعم عن سلعة أو فرض ضريبة أخرى أو أي شيء من الواقع حتى أشد انتباه السادة القراء.
وللمزيد من الإثارة سأجعل البطل يموت في أول القصة, جلطة من سماع خبر ازدياد الأسعار, بداية موفقة, أو قد أتركه يعيش طول القصة في معاناة ومرارة وهو يرى أبناءه يتنعمون في الخطط الاقتصادية, سأكثر من هذه الخطط على اعتبار أن القارئ أو المشاهد يحب لقطات " الأكشن " سأتجنب في قصتي أن أذكر أي وزير أو مسئول بالاسم؛ لأنني لا أعرف تماماً أين ستطبع القصة أو سينتج الفيلم, لكنني في المقابل قد اخترت اسماً لبطل القصة, وهو : مواطن, وبذلك ستصلح القصة لكل زمان ومكان.
في منتصف القصة تهرب زوجة "مواطن" من بيت زوجها بسبب الطفر, أبناؤها سيكونون معها بالطبع, فالمنطق يقول أن الطفر في البيت لا يشكل أي جاذب لأحد, ويذهبون برفقة أمهم إلى بيت أهلها, لكن الصدمة للجميع كانت أن حال الجد لم يكن أحسن حالاً من الزوج. وتدور الأحداث, ومزيداً من القرارات الصائبة التي تزيد من عِظَم المصيبة, فتحاول زوجة " مواطن" أن تعود لبيتها لكن هيهات؛ لأنها عندما كانت تهم بدخول العمارة تجد زوجها الحبيب قد طرده صاحب العمارة من البيت مستعيناً بقانون المستأجرين.
سأضيف بعض الأمور والأحداث التي لا غنى عنها ولا تخلو منها أي قصة خيالية: انتخابات صورية تشكيلية, مساعدات ومعونات وطنية, اكتشاف بئر بترول أو منجم يجدد أمل الشعب بالرخاء القادم, إقالة حكومة وقدوم دماء جديدة.
نهاية القصة, كدت أن أستخدم أسلوب النهاية المفتوحة, أي أن القصة تتوقف فجأة وبالتالي أترك القارئ معلّق بين السماء والأرض, لكنني عدلت بسبب الخوف على ذوي القلوب الضعيفة؛ ولذلك قررت أن تكون النهاية سعيدة, لكن بالطبع خيالية, كأن ننجح بتخطي الأزمة الاقتصادية أو أن يستعيد الناس كرامتهم وعيشهم الكريم, أو أن تكتشف الحكومة سبب المشكلة وتطوقها وتنهيها بكل حرفية وبذلك يزول سبب الشقاء اللعين ويعيش الناس بسبات ونبات, أو أن تنتهي القصة نهاية بوليسية بانتصار الحق ( الحكومة ) واندحار الشر ( الشعب ) ويُسَلِم " مواطن " نفسه لأقرب مركز أمني حتى يطبق عليه القضاء الحر والنزيه القصاص العادل, وبالطبع يتم مصادرة بقية ما يملك ( بما فيه الحديدة التي تركتها له ) وتعود إلى خزينة الدولة, أحلى نهاية يتنماها كل مسئول, على اعتبار أن الواقع يشير إلى أنه لن يبقى في البلد غير المسئولين.
م. جمال أحمد راتب