حين تشتد درجة الحرارة على صعيد المشهد السياسي، يصبح من غير الممكن الإمعان في تفاصيله، أو التنبؤ بما سيؤول إليه، لذا فإن الصمت أبلغ في مثل هذه الظروف، لا سيما حين تجد نفسك في مواجهة مباشرة مع ضميرك المهني، كعامل في مجال الإعلام، ومن المفترض أنك - وضمن الظروف الطبيعية- تكتب التاريخ، وتصنع الرأي العام الحر والمستنير.
من هنا فقد قررت الكتابة عن درجة الحرارة المناخية وليست السياسية، وأجزم أن حرارة الطقس، وموجة الحر الأخيرة، قد شغلت بال المواطن، واستحوذت على حديث المجالس بشكل فاق كل الاهتمامات بما يجري على الساحة السياسية من مستجدات وأحداث، فالإنسان العربي بات يؤمن كثيرا بحكمة \"العطار وما أفسد الدهر\" ما دفعه بالتالي إلى الالتفات نحو شؤونه الصغيرة، بحيث يصب جام غضبه على موجة الطقس الحار التي عصفت بالمنطقة وبالأردن مؤخرا.
وفي سياق هذه الموجة ثمة جملة من الحقائق المثيرة والخطيرة في نفس الوقت، فحين نعلم أن من بين نظريات التخلف التي أحصاها علماء الاجتماع بنحو عشر نظريات، ثمة نظرية تدعى \" التخلف بسبب المناخ\".
وحين تبحث في عناصر هذه النظرية وتكتشف أن المناطق الحارة يعيش أهلها حالة من الخمول الذي تضعف معه الانتاجية، ما يجعل الناس يميلون إلى النوم والتقاعس عن وظائفهم الرئيسية، خاصة في ظل الفقر وعدم القدرة على شراء مكيفات الهواء، وتحمل كلفة فواتيرها الكهربائية، ناهيك عن حالة القحط والجفاف التي غالبا ما تصاحب هذه الأجواء فتتلف المزروعات، وتجفف منابع الماء... أمام كل ذلك فإنك بالضرورة ستشعر بالخوف من تبعات حالة \"الانحباس الحراري Global Warming \" التي تتسبب حاليا في ارتفاع درجات الحرارة وبشكل يتصاعد طرديا مع الزمن، بفعل ارتفاع نسبة الملوثات من الغازات المختلفة.
وكان العالم الفيزيائي \"تندل\" أول من اكتشف هذه الظاهرة من خلال نظرية مفادها \"أن الوقود المحترق سيزيد من كميات غاز ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وأنه سيؤدي إلى زيادة درجة حرارة الأرض\".
إذن المطلوب الآن تخفيض نسبة الملوثات بجميع أشكالها، سواء في الماء أو الهواء أو التربة، للحفاظ على صحة ساكني هذا الكوكب، والرسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى \"تجار الحروب\" والدول الصناعية الكبرى المنضوية تحت لواء \"الغاب العالمي الجديد\".. ويبقى أن نقول بأن حرارة الطقس التي تزامنت مع شهر الصوم، كان لها أبلغ الأثر في تزايد حدة الانفعالات وحالة التحفز ونفاد الصبر بين الناس، وعدم الاحتمال وكثرة الاحتكاك والمشاجرات.
لذا فلنردد بصوت عال \"من أجل البشرية، من أجل مستقبلنا ومستقبل أطفالنا، فلنفكر بضمير تجاه كوكبنا\".