زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - دخلت اللغة الملكية الأردنية الحاسمة والحازمة في طور تحديد أسقف زمنية لمعالجة ظواهر مسكوت عنها وبطريقة لافتة جدا في الأسابيع القليلة الأخيرة.
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وجه من يومين «رسالة خاصة جدا» لم تكن مسبوقة، محددا بأن زمن الصمت عن المسيئين للوحدة الوطنية ومثيري الفتنة انتهى.
عبارات الملك كانت حازمة عندما قال أمام نخبة من وجهاء مدينة إربد شمال البلاد بأن المعلومات متوفرة عن رموز الإساءة للوحدة الوطنية أو من يثيرون الفتن وأضاف: نعرف هؤلاء جيدا ونقول لهم إنه إعتبارا من اليوم سيتم التصرف معهم.
لم يحدد الملك في خطابه، على هامش التفاتة قوية للوضع الداخلي وترتيب العديد من الأوراق، المقصودين بصفة الإساءة للوحدة الوطنية لكنه وبخهم بلغة سياسية وأبلغهم في لهجة ملكية حادة ونادرة بأن وقتهم انتهى.
الجديد في الموضوع ان الإشارة الملكية تقصد لفت النظر إلى ان سلطة القانون والقضاء ستطال بعد الآن جميع الموصوفين باعتبارهم مثيرين للفتنة والقلاقل في البلد وهو تهديد ملكي مباشر يعرض بصورة عامة للرأي العام لأول مرة تقريبا.
اللافت في السياق ان سلسلة لقاءات الوجهاء المحليين للمحافظات والمدن الكبيرة بدأت تشهد رسائل ملكية من هذا النوع لترتيب الأوضاع الداخلية، فقبل ثلاثة اسابيع وفي اللقاء الملكي مع وجهاء العاصمة عمان وضع الملك شرطا زمنيا مماثلا لمن يطلقون الرصاص في الأعراس والاحتفالات.
آنذاك قال الملك علنا ان أوامره تقضي بعدم قبول الوساطات في مسألة إطلاق رصاص الاحتفال، مهددا باعتقال وسجن ولده لو فعلها.
لاحقا انضبط إلى حد بعيد في المجتمع إيقاع هذه الظاهرة السلبية وبدا ان يد القانون تحركت لاعتقال كل من يطلق رصاص الاحتفال في إطار اتجاه وطني عام للسيطرة على المسألة، لاقى نجاحا كبيرا الآن بعدما أصبح إطلاق العيار الناري في الفرح من السلوكيات المرفوضة اجتماعيا و»المحرمة» قانونيا.
بالقياس وقفت التحذيرات الملكية على محطة الجدل الانقسامي في المجتمع، حيث حيث اعتبر الملك أمس الأول (الاثنين) هو يوم تنتهي فيه ظاهرة الإساءة للوحدة الوطنية وإثارة الفتنة في المجتمع، ما يعني تلقائيا أن القوانين ستنفذ بأمر ملكي مباشر اليوم، وستطال طبقة النشطاء الذين يسيئون للوحدة الوطنية، وقال الملك شخصيا انه يعرفهم.
هذا الأسلوب في التوجيهات الملكية المباشرة التي تطال ظواهر أمنية واجتماعية جديد تماما، ومؤسسة القصر الملكي تقول ضمنيا للرأي العام انها بصدد انعطافة في الاهتمام بقضايا المواطن العادي، خصوصا بعد سنوات من الاسترخاء الأمني والبيروقراطي في مواجهة مشكلات حيوية وأساسية.
الرسالة الملكية الجديدة التي تتحدث عن أسماء محددة متهمة بإثارة الفتنة لاقت بطبيعة الحال ارتياحا كبيرا في صفوف المجتمع والنخب السياسية المؤمنة بالقانون وسيادته، ومصادر في الحكومة أبلغت «القدس العربي» بأن المرحلة المقبلة ستنطوي على تحويل أصحاب الآراء التي تثير الفتنة للمحكمة وقد تحصل بعض الاعتقالات، خصوصا في ظل الآراء المتطرفة التي برزت مؤخرا.
لاحظ المراقبون أن الموقف الخشن الذي أعلنه الملك ملزما السلطات بسقف زمني بعد الآن برز على سطح الأحداث تماما، بعدما غرقت وسائط التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية مؤخرا بالجدل حول التعايش الديني، وبرزت دعوات ذات نكهة طائفية تحرض على وسائل إعلام يملكها مسيحيون أو تثير نقاشا لم يألفه الشارع الأردني في المسار الديني.
الأهم والأعمق ان قصر الأردن الملكي يقول لمواطنيه إنهم بصدد تحولات في الاهتمام الملكي المباشر بالشؤون الداخلية، حتى في ظل الانشغال بالتحولات والأحداث الإقليمية.
وتلويح الملك بتهديد مثيري الفتنة ترافق مع البدء بفتح ملف قضائي ضمن شكوى قدمت ضد برلماني مسيحي أطلق دعابة طالت الصحابي خالد بن الوليد وأثارت الكثير من الجدل محليا، وهو النائب رائد حجازين الذي سيتم التحقيق معه لاحقا بالشكوى المثارة ضده.
القدس العربي