كل الاحتمالات واردة في حادثة الاعتداء على سيارات الدبلوماسيين الاسرائيليين, ففي الداخل يتعاظم الشعور بالكراهية والعداء تجاه اسرائيل جراء سياساتها العدوانية وتنكرها للسلام العادل الشامل, واظهرت استطلاعات اقليمية ان الرأي العام الاردني هو الاكثر عداء بين الشعوب العربية لاسرائيل, وقد يدفع هذا الشعور بالبعض الى اعمال انتقامية كتفجير العدسية. وسبق لتنظيمات اسلامية متشددة ان حاولت القيام بمثل هذه الأعمال منذ افتتاح السفارة الاسرائيلية في عمان.
في الخارج لاسرائيل طوق من التنظيمات والدول المعادية تخوض حربا مفتوحة ضدها لكن لم يسبق من قبل ان نفذت عملية ضد مصالح اسرائيلية على الساحة الاردنية. تنظيم القاعدة الارهابي كان يستهدف على الدوام المصالح الامريكية والاردنية.
العملية تمت بعبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب الطريق انفجرت مع مرور الموكب الدبلوماسي الاسرائيلي. شهود وصحافيون عاينوا الموقع يرجحون بان العبوة تم تفجيرها لاسلكيا وهو الأمر الذي دفع للاعتقاد بان جهة تملك قدرة استخبارية على رصد الموكب وحركة سيره تقف وراء العمل ولديها من الامكانات والخبرات الفنية ما يؤهلها لتصنيع عبوة من هذا النوع. لكن هذا التحليل لا يعني بالضرورة ان جهة خارجية هي التي نفذت العملية اذ يصعب على محترفين بتصنيع المتفجرات من تنظيم خارجي ان يدخلوا الى البلاد وينجزوا هذا العمل في منطقة شبه عسكرية من دون ان تلاحظهم الاجهزة المختصة سواء وهم في مرحلة التحضير والرصد لحركة الدبلوماسيين او عند زرع العبوة على جانب طريق دولي يشهد حركة نشطة للسيارات على مدار الساعة.
الاحتمال المتبقي هو ان يكون العمل محلي الطابع نفذته مجموعة غير معروفة من قبل التقى افرادها على هذا الهدف كما هو الحال مع العشرات من الخلايا التي ضبطت من قبل.
في كل الأحوال سيكشف التحقيق غموض التفجير, لكن ايا كانت النتيجة فان ما حصل لا يعني ان هناك تقصيرا امنيا اردنيا, فدائرة العداء لاسرائيل واسعة جداً ودبلوماسيوها معرضون للاعتداء في أي لحظة ومن كل الاتجاهات, والاجراءات الأمنية مهما كانت محكمة, فان الاختراق وارد باستمرار ولا يستطيع أي جهاز أمني مهما بلغ من الاحتراف ان يضمن موكبا من السيارات يسير على طريق طويل ومكشوف. وينبغي على الجانب الاردني ان لا يرضخ للمنطق الاسرائيلي الذي يهول من حجم الحادث ويحاول تصويره على انه »تطور خطير« لان الهدف من وراء ذلك هو ابتزاز الاردن سياسيا للتخفيف من حدة موقفه الرافض لسياسات الحكومة اليمينية في اسرائيل واستثمار (العبوة) لاغراض تفاوضية معروفة. علينا ان لا نستسلم لهذا المنطق او الشعور بالحرج مما جرى لانه أمر متوقع في ضوء السياسة الاسرائيلية.
على الاسرائيليين ان يدركوا بأنهم لن ينعموا بالأمن في فلسطين او خارجها ما لم تنعم به شعوب المنطقة وفي المقدمة منهم الشعب الفلسطيني. الأمن لن يتحقق بغير السلام العادل وبخلاف ذلك سنظل نسمع دوي الانفجارات في كل ارجاء المنطقة,وسيكون انفجار العدسية مقارنة معها مجرد (فتاش) .
ينبغي على الاسرائيليين أن يسألوا عن اسباب عزلتهم وكراهيتهم في عمان قبل ان يبحثوا عن مُنَفّذ تفجير (العدسية)