كانت في قديم الزمان تباع الاشياء بالباكيت أو الكيس وأشياء كانت "حل" ، مثلا كنا نشتري "طحينيّة" من التنكة فكنت تسأل البائع "عندك طحينيّة حل؟"والسمنة ايضا كانت تباع علبا وكان هناك "حل" بالوقية والشاي كان هناك بالباكيت وكان هناك شاي "حل"، فالحل موروث أردني بأمتياز ، رافقنا منذ الطفولة وأستمر معنا اليوم وأظنه لن يفارقنا حتى نموت.
لا أخفي ان ميولي إسلاميه ، لذلك فرحت عام 1989 عندما أطلق الأخوان شعار" الاسلام هو الحل" مع إختلاف المعنى طبعا لكن ذلك لم يمنع ذاكرتي من "النبش" على المدلولات الاخرى للكلمة في حينه وسارعت أشرح لأقراني عن "المبكّت والحل".
مع الزمن تغيرت مفاهيمنا تجاه الاشياء ، فأنماط الأستهلاك لدينا اليوم تختلف تماما عما كانت عليه في سبعينيات القرن المنصرم، اليوم كل شيء "مبكّت" حتى السكر ما عدت تجد دكان يبيعك كيلو سكر "حل"، ومن البديهي ان تنعكس مثل هذه الانماط الاستهلاكية على طريقة تفكير الناس وتصرفاتهم بشكل عام ولا يقف الامر عند المواد التموينية ، فتؤخذ الأشياء على انها وحده واحده والحل ما هو الا شيء من الماضي البعيد المستبعد.
ربما نسي المسؤولين في الأردن انّ هناك "حل" وتخيلوا ولو للحظة ان الامر "مبكّت" لا أعرف ما الذي يدفع بالمسؤولين لدينا بعدم الاستقالة وانتظار "الحل" ... تخالهم وكأنّ وجوههم بدون ماء يخطىء الف خطأ ويبقى صامدا لا يتزحزح بأنتظار" الحل" لن يكسب ماء وجهه ولا يعنيه الامر، كل الشعب مخطىء وكل من ينصحوه لا يفقهوا شيئا ومن لم يعجبه لينتظر ان يكون الحل هو "الحل"...ما الذي يرونه في المنصب بحيث يتحمل احدهم كل تلك المهانة ، ما الذي يرونه من على الكرسي يجعلهم يتحملون كل اصناف العذاب ويضعهم تحت رحمة شعب لا يرحم ،عجزت وانا ابحث عن إجابة.
في الأردن كل المشاكل قابلة للحل، وعندما تستعصي الأمور فما لا يحل يكون قابلا "للحل"... حل الحكومة ...حل المجلس النيابي...حل المجلس البلدي...وممكن بكره تطلب الحومه من الشعب انه "يحل".
قصي عبد الرحيم النسور
qusainsour@yahoo.com